يستعد بنك المغرب المركزي لإطلاق المرحلة الثانية من إصلاح نظام سعر صرف الدرهم، وذلك بفك الارتباط تدريجياً بالأورو والدولار في غضون الخمس سنوات المقبلة. هذا الإجراء يأتي في إطار المخطط الاستراتيجي الذي صادق عليه المجلس المركزي في اجتماعه الأخير بدجنبر 2023. يُذكر أن المغرب كان قد بدأ في تحرير سعر صرف الدرهم منذ عام 2018، معتمداً نطاق تقلب بنسبة 2.5% بدلاً من 0.3% كما في السابق، وتم توسيع هذا النطاق إلى 5% في عام 2020.
يشتمل المخطط الاستراتيجي للبنك المركزي للفترة بين 2024 و2028 على ثلاثة عناصر رئيسية تشمل تحرير سعر صرف العملة، إنهاء مشروع العملة الرقمية للبنك المركزي، ومشروع قانون لتداول الأصول المشفرة. عبد اللطيف الجواهري، والي بنك المغرب، أكد أن اختيار اللحظة المناسبة للانتقال إلى المرحلة الثانية من إصلاح سعر الصرف يمثل التحدي الأكبر للسنوات الخمس المقبلة. وأوضح الخبير الاقتصادي محمد جدري أن هذا الانتقال سيمر من خلال مراحل متعددة لتحقيق شروط مسبقة كتوفر احتياطي النقد الأجنبي وتقليص العجز في الميزان التجاري.
يُعتبر الانتقال من نظام صرف ثابت إلى نظام تعويم الدرهم خطوة مهمة قد تكون لها آثار إيجابية وأخرى سلبية على الاقتصاد المغربي. ومن المهم الإشارة إلى أن المغرب قد دخل في مفاوضات مع صندوق النقد الدولي لتوفير خط ائتماني، وهو ما تطلب منه تحرير سعر صرف الدرهم وإجراءات أخرى كإصلاح أنظمة التقاعد. بالرغم من القلق حول رضوخ بنك المغرب لضغوطات صندوق النقد الدولي، يشير الخبير الاقتصادي محمد جدري إلى أن البنك يسير بخطوات مدروسة نحو تعويم الدرهم عبر مرحلتين، مما يتيح للبنك المركزي السيطرة على السعر الأدنى والأقصى للصرف قبل الانتقال الكامل إلى التعويم.
من الناحية الإيجابية، سيستفيد مغاربة العالم وقطاع السياحة والصادرات المغربية من تحرير سعر صرف الدرهم. على سبيل المثال، ستزداد قيمة تحويلات المغتربين وتنخفض تكلفة السياحة وترتفع تنافسية الصادرات المغربية. أما الآثار السلبية فتتمثل في زيادة تكاليف المنتجات المستوردة وارتفاع الفاتورة الطاقية وتأثير ذلك على الصناعات التحويلية وسوق السيارات المستوردة. ويختتم جدري بالتأكيد على ضرورة إجراء إصلاحات موازية من قبل الحكومة المغربية للتخفيف من الآثار السلبية لتعويم الدرهم، مشيراً إلى أهمية الإصلاحات الضريبية، تشجيع الصادرات والاستثمار الأجنبي، وإصلاح منظومة العدل.
16/01/2024