كشف التقرير السنوي الأخير لبنك المغرب عن إجراءات صارمة اتخذها البنك المركي لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، مشيرا إلى أن عمليات المراقبة أسفرت عن سحب رخص من مؤسسات مالية متورطة في مخالفات، إضافة إلى فرض 16 عقوبة مالية وتأديبية طالت 13 مؤسسة مالية.
وأكد بنك المغرب، ممثلاً في المدير المساعد للإشراف البنكي، نبيل بدر، على التقدم الكبير الذي أحرزه المغرب في مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وذلك بفضل الجهود الحثيثة التي بذلها البنك بالتعاون مع شركائه، ما أدى إلى خروج المغرب من اللائحتين الرماديتين للمجموعة العمل المالي والاتحاد الأوروبي.
في هذا السياق، أكد المحلل الاقتصادي، عمر الكتاني أنه من المنتظر أن تظهر نتائج الإجراءات المتخذة مستقبلا، موضحا أن وظيفة الرقابة تقع ضمن اختصاصات بنك المغرب الذي يتابع الإجراءات المتخذة من قبل البنوك التي يحميها، مما يؤكد وجوب التزامها بالمعايير المالية الصارمة.
وأشار الكتاني، إلى أن هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها تسجيل مخالفات في هذا االسياق، مما يثير تساؤلات حول مدى التزام المؤسسات العمومية بالانضباط المالي، وتساءل: “هل هذه الإجراءات مؤقتة أم أن الدولة ستبدأ بعملية مراقبة دائمة؟”.
واعتبر المتحدث أن الإجراءات المتخذة تدخل في سياق حاجة الدول للحصول على الأموال، وأنها كانت تتغاضى عن بعض المخالفات في السابق، مضيفا أن الحاجة الآن أصبحت ملحة لتعبئة الأموال المتوفرة وتحقيق السيولة النقدية، مما يستدعي البحث عن مصادر مالية جديدة لتغطية احتياجاتها.
وبيّن الكتاني أن المسألة تتعلق بتعبئة الأموال بطريقة قانونية، حيث تترتب عن المخالفات عقوبات، وشدد على ضرورة استرجاع هذه الأموال من الأشخاص الذين تجاوزوا الحدود الموضوعة، من خلال تسجيل مخالفات وعدم سداد الديون، إذ من الضروري أن تحقق الإجراءات المتخذة نوعا من الشمولية وعدم جعل العملية انتقائية.
وأضاف المحلل الاقتصادي، أن استرجاع الأموال التي تم الحصول عليها بطرق غير قانونية، يجب أن يكون له هدف عام وليس مؤقتًا، ودعا إلى تعميم العلمية لتقليل المخالفات وضمان الانضباط المالي داخل الإدارة العمومية في البلاد، مع ضرورة أن تكون هذه القوانين عامة وليست موجهة لمؤسسة معينة في ظروف محددة.
وأكد الكتاني، أن تطبيق الإجراءات هو أمر منطقي وعادي خاصة في ظل وجود قوانين يجب تطبيقها، مشددا على أن المغرب يواجه مشكلة غسيل الأموال، خاصة وأنه قريب من أوروبا، بالإضافة إلى وجود أساليب تهريب الأموال يصعب اكتشافها.
وحذر المتحدث ذاته، من أن الإجراءات الصارمة التي يتخذها المغرب لمكافحة غسيل الأموال والتهريب تأتي في ظل تحديات مالية حادة، ورغم أهمية هذه الإجراءات، إلا أنها قد تؤدي إلى آثار جانبية، مثل تراجع الثقة في المؤسسات المالية، داعيا في المقابل إلى ضرورة تطبيق القانون على الجميع بشكل عادل ومنصف، مع التركيز على إصلاح النظام المالي بشكل شامل.
وبحسب الكتاني، فإن الحملة المالية لمكافحة غسيل الأموال وتهريبها، وإن كانت خطوة مهمة، إلا أنها لا تمثل تحولًا جذريًا في الثقافة السلوكية داخل البلاد، وبدلاً من معالجة الأسباب الجذرية للمشكلة، تركز الحملة على الظواهر السطحية، ولتحقيق تغيير مستدام، مسجلا أنه “يجب أن تترافق هذه الحملة مع إصلاحات أعمق تستهدف معالجة أوجه عدم المساواة والفساد، وضمان استرجاع الأموال من جميع المتورطين بغض النظر عن نفوذهم”.
ودعا المحلل الاقتصادي، عمر الكتاني إلى توسيع نطاق الإجراءات المتخذة من قبل بنك المغرب لتشمل جميع المؤسسات والأفراد المتورطين في عمليات التهريب، مشددا على ضرورة تطبيق هذه الإجراءات بشكل عادل ومنصف على الجميع، لاسيما أن هذا التوسع سيساهم في تحقيق الاستقرار وتعزيز الانضباط المالي في البلاد.
27/07/2024