أثار وزير العدل عبد اللطيف وهبي جدلاً واسعاً في الأوساط الحقوقية بعدما قرر منع جمعيات حماية المال العام من تقديم شكايات ضد المنتخبين والشخصيات العامة في قضايا تتعلق باختلاس المال العام. مشروع قانون المسطرة الجنائية، الذي تنتظر الحكومة المصادقة عليه يوم الخميس، ينص صراحةً على أنه لا يمكن إجراء تحقيقات أو تحريك الدعاوى العمومية في جرائم تتعلق بالمال العام إلا بطلب من الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض أو بعد إحالة من جهات مختصة مثل المجلس الأعلى للحسابات أو المفتشيات العامة. هذا التقييد أثار استياء حقوقيين ونشطاء اعتبروه خطوة نحو تكميم الأفواه وحماية الفاسدين.
في هذا السياق، انتقد الحقوقي محمد الغلوسي بشدة قرار وزير العدل، واصفاً إياه بأنه “خطوة معاكسة لتوجه الدولة في مكافحة الفساد والرشوة”. وأكد أن الوزير يسعى إلى تقويض دور جمعيات حماية المال العام التي ظلت تقدم شكايات ضد المتورطين في قضايا الفساد، متهماً وهبي باستغلال منصبه لتعزيز مواقف فئة معينة من السياسيين على حساب مصلحة المجتمع. وأشار الغلوسي إلى أن الوزير يردد حججاً متكررة حول استخدام القضاء لأغراض سياسية من قبل تلك الجمعيات، مما أثار استياء الحقوقيين.
كما عبّر رئيس جمعية حماية المال العام عن مخاوفه من تصاعد حملة التضييق على نشطاء المجتمع المدني، مشيراً إلى أن وزير العدل يدافع عن مضاعفة عقوبة الوشاية الكاذبة إلى عشر سنوات، وهو ما يعتبره “محاولة لترهيب نشطاء حماية المال العام والمبلغين عن الفساد”. وأضاف أن هذه الإجراءات تمهد الطريق أمام الفساد والرشوة لتزدهر دون رقيب أو مساءلة، داعياً إلى الوقوف في وجه تلك السياسات التي تضعف مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة وتحول الدستور إلى وثيقة تُركن في المتحف.
29/08/2024