شهدت الفترة الأخيرة تصاعدًا ملحوظًا في استقالات أطر بنكية من مؤسسات مالية كبرى، لتنتقل إلى الاستثمار في القطاع العقاري عبر تأسيس صناديق استثمارية متخصصة في اقتناء وتطوير العقارات وإطلاق مشاريع تنموية في مختلف مناطق المغرب. هذا التحول أثار نقاشًا مجددًا حول التأخير المستمر في إصدار قانون ينظم مهنة الإنعاش العقاري، وهو الأمر الذي كان من المفترض معالجته قبل سنوات، وسط محاولات مؤقتة لسد هذا الفراغ عبر شركات التوظيف العقاري (SPI) التي حققت تطورًا ملحوظًا في نشاطها مؤخرًا.
الأطر البنكية السابقة، مستفيدة من خبرتها المالية ورؤوس أموالها، دخلت بقوة إلى السوق العقارية، مما أحدث منافسة شديدة مع المنعشين التقليديين. هؤلاء المستثمرون الجدد ركزوا بشكل خاص على المشاريع ذات العائد المرتفع، مثل العقارات المهنية في المواقع الإستراتيجية، ما أدى إلى اختلالات في العرض وارتفاع أسعار العقارات بشكل غير مسبوق في المدن الكبرى. في المقابل، يواجه البعض منهم تحديات كبيرة بسبب افتقارهم إلى الخبرة الميدانية، حيث تبين أن القدرات المالية والدراسات النظرية لا تكفي لمواجهة تعقيدات قطاع البناء الذي يتطلب خبرات عملية طويلة وفهمًا معمقًا لديناميات السوق وأعرافها غير المكتوبة.
وفي ظل هذه الدينامية الجديدة، يزداد الضغط على السلطات لتنظيم القطاع العقاري عبر إصدار قانون شامل يضع معايير واضحة لمهنة الإنعاش العقاري. الخبراء يؤكدون أن هذا الإطار القانوني لن يحسن فقط جودة المشاريع ويحمي المستهلك، بل سيساهم أيضًا في تعزيز الثقة في السوق وجذب استثمارات أجنبية تدعم استقرار القطاع. ومع تزايد مبادرات الاستثمار في العقار، يبقى غياب القانون المنظم عقبة رئيسية تهدد استدامة السوق وتفتح الباب أمام التفاوتات القانونية والنزاعات بين مختلف الأطراف، ما يستدعي تحركًا سريعًا من الجهات المعنية لضمان تأطير هذا القطاع الحيوي.
21/11/2024