في الوقت الذي كان ينتظر فيه أن تحمل التغييرات الإدارية على رغس وكالة مارتشيكا بالناظور بداية حقبة جديدة من الشفافية والنزاهة، عادت مظاهر الفساد لتلقي بظلالها على المؤسسة، مما يثير تساؤلات حول مدى جدية الجهود المبذولة لاستئصال هذه الظاهرة.
فبعد إعفاء المدير العام السابق، لوكالة تهيئة بحيرة مارتشيكا، سعيد زارو، ومدير شركة “مارتشيكا ميد” ، محمد الإدريسي، بدت الوكالة وكأنها تستعيد مسارها الصحيح، خصوصًا بعد دهول القضاء المغربي في ملاحقة قضايا الفساد بالوكالة في عهد الإدارة السابقة، أمام محكمة جرائم الأموال بفاس، إلا أن هذه الآمال اصطدمت بواقع مختلف، مع تعيين المديرة العامة الجديدة، لبنى أبو طالب، وما يثار حول علاقتها المشبوهة مع مدير الشركة الحالي، مروان غنيمي، والذي يتهم بالمساهمة في عودة الفساد إلى أروقة المؤسسة.
ومن ضمن القضايا التي أثارت الجدل مؤخرا، خلال اليومين الأخيرين ، إعلان الوكالة عن مباراة توظيف لشغل منصب “مراقب الصفقات” بشركة مارتشيكا ميد، حيث شهدت المباراة تقدم عدد كبير من الكفاءات المحلية والوطنية، ما كان يفترض أن يكون فرصة لتكريس معايير الشفافية وتكافؤ الفرص، لكن، وعلى عكس المتوقع، تم تعيين صديق مقرب من مدير الشركة غنيمي في هذا المنصب، مما أثار استياء واسعا وسط المتقدمين والمراقبين.
هذه الخطوة وغيرها ، أأعادت إلى الأذهان الممارسات السابقة المعروضة على أنظار القضاء المغربي ، خصوصا في ظل التحقيقات التي يخضع لها المدير العام السابق سعيد زارو، وعدد كبير من المسؤولين السابقين بالوكالة والشركة ، ويبدو أن شبكة الفساد التي كانت تضرب بجذورها في الوكالة لا تزال قادرة على التأثير في قراراتها، مما يعيد المؤسسة إلى دائرة الشكوك.
وفي ظل هذه التطورات، تتعالى الأصوات المطالبة بفتح تحقيق شفاف ومستقل حول التعيينات الأخيرة، واتخاذ إجراءات صارمة ضد أي مظاهر فساد داخل الوكالة، حيث أن هذا الوضع يطرح تساؤلات ملحة حول مدى فعالية الإصلاحات الإدارية والتدابير الرقابية التي يفترض أن تضمن نزاهة المؤسسات العمومية.
ولم تعد معالجة الفساد داخل وكالة مارتشيكا مسألة اختيارية، بل أصبحت ضرورة حتمية لإعادة بناء الثقة بين المؤسسة والمواطنين، وحيث تتطلب هذه المهمة إرادة قوية ومتابعة قضائية فعالة لضمان أن تكون المؤسسة نموذجا يحتذى به في الشفافية وحسن التدبير.
12/12/2024