يشهد الذكاء الاصطناعي تطورًا غير مسبوق لم يعد يقتصر على المجالات الصناعية والتكنولوجية، بل امتد ليُحدث تحولات جوهرية في أساليب الجرائم الإلكترونية، ما أثار قلقًا متزايدًا لدى خبراء الأمن السيبراني. فقد أصبح الذكاء الاصطناعي أداة رئيسية في تطوير حملات التصيد الإلكتروني، مما جعلها أكثر دقة وفعالية في استهداف الأفراد، مع قدرات تمويه متقدمة تجعل من الصعب اكتشافها. وأبرزت شركة “كاسبرسكي” في تقرير حديث كيف يُسهم الذكاء الاصطناعي في تحسين تقنيات التصيد الإلكتروني، ولماذا بات حتى الموظفون الأكثر دراية عرضة لهذه الهجمات.
وأظهرت دراسة حديثة للشركة ذاتها أن الهجمات الإلكترونية التي استهدفت الشركات خلال الأشهر الـ 12 الماضية ارتفعت بنسبة تقارب النصف، حيث أبلغ 49% من المشاركين عن زيادة ملحوظة في حجم الهجمات، فيما أكد العدد نفسه أنهم واجهوا حوادث تصيد إلكتروني. ومع تزايد اعتماد المجرمين الإلكترونيين على الذكاء الاصطناعي، توقع نصف المشاركين في الدراسة تصاعدًا كبيرًا في عدد هذه الهجمات مستقبلاً. فالذكاء الاصطناعي بات قادرًا على تحليل البيانات العامة وصياغة رسائل تصيد موجهة بدقة للأفراد، ما يجعلها أكثر إقناعًا، خصوصًا عند انتحال شخصيات موثوقة داخل الشركات، في حين يزداد استخدام تقنية “التزييف العميق” لإنشاء مقاطع فيديو وصوت تبدو حقيقية تمامًا، كما حدث في عملية احتيال أدت إلى تحويل 25.6 مليون دولار.
وأمام هذه التهديدات المتصاعدة، أكدت “كاسبرسكي” أن حتى أكثر الموظفين خبرة قد يقعون ضحية لهذه الهجمات المعقدة، نظراً لاعتمادها على استغلال العوامل النفسية مثل الإلحاح والخوف والسلطة. لذا، دعت المؤسسات إلى تبني استراتيجيات دفاعية متعددة الطبقات، تشمل تدريب الموظفين بشكل مستمر على اكتشاف تقنيات التصيد، واستخدام أدوات أمنية متقدمة للكشف عن الأنماط غير المألوفة في الرسائل، إضافة إلى تعزيز نموذج “الثقة الصفرية” لتقليل مخاطر الاختراقات. فمع استمرار تطور تقنيات الذكاء الاصطناعي، أصبح من الضروري تعزيز الأمن السيبراني لمواجهة هذه التهديدات المتجددة.
29/01/2025