في وقتٍ تسببت فيه أسعار السمك في إرهاق جيوب المواطنين، يتجسد في الواقع المغربي موقفان يعكسان التناقضات الكبرى للسوق . من “مول الحوت” في مراكش الذي قرر مواجهة الغلاء وتقديم المساعدة للمواطنين بأسعار معقولة، إلى عمليات تهريب الأسماك في ميناء الناظور، حيث لا يجد المهربون حرجًا في استغلال الأوضاع لصالحهم بعيدًا عن رقابة الدولة.
وبين هذه التوجهات النقيضة ، نجد مقارنة حادة بين من يسعى إلى إغاثة المواطن ومن لا يهمه سوى تعزيز مصالحه الشخصية. إن الوضع برمته يستحق أكثر من تأمل، خصوصًا مع التساؤل الكبير: أين هي ثرواتنا السمكية؟
مول الحوت ، الشاب المراكشي الذي قرر أن يبيع السمك بأسعار لا تنافس السوق المرتفعة، أصبح رمزًا للتحدي ضد التجار الجشعين. حيث قام ببيع السردين بـ 5 دراهم فقط، وهو السعر الذي يعكس تفاعلًا إنسانيًا مع معاناة الفقراء، في وقت كان فيه هذا النوع من السمك يباع بأكثر من 20 درهمًا في العديد من المحلات. كانت مبادرته بمثابة احتجاج على الأسعار التي تزداد صعوبة على المواطن البسيط، مُرَكِّزًا على ضرورة اهتمام البعض بالفقراء أكثر من السماسرة.
في المقابل، وفي ميناء الناظور، يسير كل شيء في اتجاه آخر ، هناك حيث يتحكم المهربون والمضاربون في مصير الأسماك ويعملون على تهريبها بعيدًا عن الأسواق المحلية … في ميناء بني أنصار، تُخزن الأسماك بعيدًا عن الأنظار، بتعاون مشبوه مع بعض رجال السلطة المحليين، ما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار واستفادة البعض على حساب الجميع. وعلى الرغم من معاناة المواطنين من هذه الممارسات، يستمر هؤلاء في استغلال الوضع لتحقيق أرباح غير مشروعة، بعيدًا عن أي محاسبة.
بينما يقف مول الحوت بطلًا شعبيًا في مواجهة الأسعار المتزايدة، تبقى التساؤلات عالقة: هل هو حقًا بطل يسعى للعدالة الاجتماعية، أم أن هذه المبادرة مجرد فقاعة إعلامية؟ وهل التهريب في الناظور يعكس صفقات تجارية أم خيانة للوطن؟ في النهاية، يبقى المشهد معقدًا بين من يريد تخفيض الأسعار لخير الجميع، ومن يواصل استغلال السوق لذاته، مع تساؤل كبير يطرح نفسه: أين هي ثرواتنا السمكية التي تُنهب أمام أعيننا ؟.
توقيع : صياد مهني
24/02/2025