في خطوة تعكس طموحاته السياسية وتوجهاته الأيديولوجية، يستعد حزب الأندلسي، بقيادة إدريس محمد، للإعلان رسميًا عن حضوره في مدينة سبتة المحتلة، وذلك يوم 28 فبراير 2024. هذه المبادرة تأتي في سياق تحولات سياسية متسارعة على ضفتي المتوسط، وتثير تساؤلات حول تأثيرها على العلاقات الإسبانية-المغربية، خاصة في ظل مكانة سبتة ومليلية في الوجدان الوطني المغربي.
– رؤية تتجاوز الحدود أم إعادة إنتاج للأطروحات الاستعمارية ؟
يتبنى الحزب فكر بلاس إنفانتي، الأب المؤسس للقومية الأندلسية، مستندًا إلى رؤية تسعى إلى توسيع مفهوم الهوية الأندلسية ليشمل سبتة ومليلية المحتلتين.، هذه المقاربة، رغم أنها تبدو ذات طابع ثقافي وتاريخي، تطرح إشكالات سياسية حساسة، خصوصًا بالنظر إلى موقف المغرب الثابت من سيادته على المدينتين. فهل يشكل الحزب محاولة لخلق مشروع سياسي جديد في المنطقة، أم أنه مجرد إعادة إنتاج لخطابات تتجاهل الحقائق التاريخية والجغرافية؟
– أهداف الحزب بين الطموح والجدل
يركز حزب الأندلسي في بيانه التأسيسي على مجموعة من الأهداف الطموحة، أبرزها:
إعادة رسم الخريطة السياسية للأندلس عبر التأكيد على مفهوم “الوطن الأم” (Matria) واستعادة ما يعتبره الحزب “السيادة الوطنية”.
تعزيز الهوية اللغوية بجعل الإسبانية اللغة الوطنية، مع الاعتراف بالعربية كلغة تاريخية والمطالبة بتطبيع استخدامها، وهو ما قد يثير جدلاً حول مدى استيعاب المشروع للهويات الثقافية القائمة في المنطقة.
المشاركة السياسية الفاعلة في إسبانيا من خلال دعم مرشحين في الانتخابات والتأثير في القرارات الوطنية، بما قد يضع الحزب في مواجهة مباشرة مع التيارات السياسية المركزية في مدريد.
تحقيق الاستقلالية الاقتصادية والثقافية من خلال التحرر من التبعية الإسبانية، وهي نقطة تتطلب توضيحات حول كيفية تحقيقها ضمن إطار الدولة الإسبانية ذاتها.
النهوض بالواقع الاجتماعي والاقتصادي والثقافي لسكان الأندلس وسبتة ومليلية، وهو ما يثير تساؤلات حول مدى إمكانية تحقيق هذه الوعود في ظل المعطيات السياسية والاقتصادية الحالية.
ترسيخ الديمقراطية الاجتماعية من خلال ضمان العدالة والمساواة، في وقت لا تزال فيه أسئلة حول موقع الحزب في الطيف السياسي الإسباني وإمكانية تحالفه مع القوى الفاعلة.
-انعكاسات محتملة على العلاقات المغربية-الإسبانية
لا يمكن قراءة ظهور حزب الأندلسي بمعزل عن السياق الإقليمي، حيث ظلت سبتة ومليلية موضوع نزاع تاريخي بين المغرب وإسبانيا. ورغم أن الحزب يتحدث عن رؤية قومية أندلسية، إلا أن خطابه قد يثير حساسيات دبلوماسية، خاصة إذا تبنى موقفًا يتعارض مع المطالب المغربية باسترجاع المدينتين. كما أن المسألة قد تأخذ بعدًا آخر إذا ما اعتُبرت جزءًا من سياسات إعادة تشكيل الهويات السياسية في إسبانيا نفسها، حيث تتصاعد النزعات الاستقلالية في كاتالونيا والباسك.
– إلى أين يتجه حزب الأندلسي؟
يمثل ظهور حزب الأندلسي محاولة لإعادة صياغة الواقع السياسي في المنطقة، لكن نجاحه سيعتمد على قدرته على إقناع الناخبين الأندلسيين والمقيمين في سبتة ومليلية بجدوى مشروعه. في المقابل، يبقى السؤال الأهم: هل سيتحول الحزب إلى لاعب جاد في المشهد السياسي الإسباني، أم أنه مجرد ظاهرة عابرة تعكس أزمة الهوية السياسية في الأندلس؟
الأيام القادمة ستكشف ما إذا كان الحزب قادرًا على التأثير فعلاً، أم أنه مجرد محاولة أخرى ضمن سجالات سياسية لن تغير شيئًا في الواقع القائم.
24/02/2025