وسط تحولات جيوسياسية معقدة، يتزايد القلق في الأوساط الإسبانية بشأن مستقبل مدينتي سبتة ومليلية، في ظل التقارب المغربي-الأمريكي المتنامي وتدهور العلاقات بين مدريد وواشنطن، حيث أن هذه الديناميكية تثير تساؤلات حول موقف إسبانيا في المشهد الدولي، خاصة في ظل إعادة تسليح المغرب وتراجع التغطية الأمنية لحلف شمال الأطلسي عن المدينتين.
التحالف المغربي-الأمريكي كورقة ضغط جديدة:
لطالما شكلت العلاقة بين المغرب والولايات المتحدة عاملا حاسما في التوازنات الإقليمية، غير أن التقارب المتزايد بين الرباط وواشنطن، خاصة بعد توقيع اتفاقيات أبراهام وتعزيز التعاون العسكري، يثير مخاوف إسبانيا من أن تتحول سبتة ومليلية إلى ورقة مساومة في الحسابات الأمريكية، ففي هذا السياق، يبدو أن إدارة ترامب – التي سبق أن اعترفت بمغربية الصحراء – قد تستمر في دعم الرباط، ما قد يضعف الموقف الإسباني دوليا.
إسبانيا في مأزق استراتيجي
وفي المقابل، تبدو مدريد عاجزة عن صياغة استراتيجية واضحة لمواجهة هذا الواقع الجديد، فمع تصاعد التوترات الدبلوماسية بين رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز وإدارة ترامب، تزداد المخاوف من أن تجد إسبانيا نفسها معزولة، خاصة إذا قررت الولايات المتحدة تقليص التزاماتها تجاه الدفاع الأوروبي، كما أن عدم إدراج سبتة ومليلية تحت المظلة الأمنية لحلف شمال الأطلسي يضعف موقف مدريد في مواجهة الطموحات المغربية.
التسلح المغربي كتحد مباشر:
وعلى المستوى العسكري، شهد المغرب خلال السنوات الأخيرة طفرة نوعية في تسلحه، حيث زادت ميزانيته الدفاعية بنسبة 10% عام 2024 مقارنة بعام 2019، مع اقتناء أنظمة دفاع جوي وطائرات مقاتلة وطائرات بدون طيار، معظمها من الولايات المتحدة، حيث أن هذه التطورات تعزز المخاوف الإسبانية من أن يؤدي تصاعد القوة العسكرية المغربية إلى تغيير معادلة التوازن في المنطقة، وربما زيادة الضغط الدبلوماسي أو حتى العسكري على سبتة ومليلية.
إلى أين تتجه المعادلة؟
ومع غياب رؤية استراتيجية واضحة في مدريد، وتزايد النفوذ المغربي دوليا، يبدو أن مستقبل سبتة ومليلية بات أكثر ضبابية من أي وقت مضى، حيث في ظل التقلبات السياسية في واشنطن، قد تجد إسبانيا نفسها مضطرة إلى إعادة ترتيب أوراقها سريعا قبل أن تصبح المدينتان جزءا من حسابات إقليمية أكبر.
11/03/2025