في تطور جديد يعكس تعقيدات التعاون القضائي بين الجزائر وفرنسا، رفض القضاء الفرنسي، للمرة السادسة على التوالي، تسليم وزير الصناعة الجزائري الأسبق، عبد السلام بوشوارب، المدان في قضايا فساد واختلاس واستغلال نفوذ. جاء القرار الصادر يوم الأربعاء الماضي، مستندًا إلى “المخاطر الصحية” التي قد يتعرض لها بوشوارب، وفقًا لما تنص عليه الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان واتفاقية تسليم المطلوبين بين البلدين.
أعربت وزارة الشؤون الخارجية الجزائرية عن استيائها العميق من هذا القرار، معتبرة إياه تعطيلاً للتعاون القضائي بين البلدين، رغم الاتفاقيات الثنائية والدولية التي تؤطر هذا النوع من القضايا. وأكدت الوزارة، في بيان رسمي، أن الجزائر تواجه عراقيل ومماطلات مستمرة من الجانب الفرنسي في مساعيها لاسترجاع الأموال المنهوبة، رغم تجاوبها مع أكثر من 25 قضية مماثلة تتعلق بمطلوبين جزائريين في الخارج.
وأشارت الخارجية الجزائرية إلى التناقض الصارخ بين الموقف الفرنسي والمواقف التي تبنتها دول أوروبية أخرى، أبدت تعاونًا شفافًا مع الجزائر في قضايا استعادة الأموال المنهوبة. واعتبرت أن ملف بوشوارب ليس مجرد قضية جنائية، بل يتعلق بأموال وأملاك مكتسبة بطرق غير قانونية، مما يجعل الأمر حساسًا ومهمًا للغاية بالنسبة للدولة الجزائرية.
شغل عبد السلام بوشوارب منصب وزير الصناعة والمناجم بين عامي 2014 و2017 في عهد الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة، وصدر بحقه حكم بالسجن لمدة 20 عامًا بتهم تتعلق بالفساد، الاختلاس، واستغلال النفوذ. ويُعد أحد أبرز المسؤولين السابقين الذين تورطوا في قضايا فساد أضرت بالاقتصاد الجزائري وأثقلت كاهل خزينة الدولة.
قرار فرنسا برفض تسليم بوشوارب يعكس توترًا ضمنيًا في العلاقات بين البلدين، خاصة في ملف التعاون القضائي. وبينما تصر الجزائر على ضرورة احترام الاتفاقيات الموقعة، يبدو أن الاعتبارات السياسية والقانونية تلعب دورًا رئيسيًا في قرارات باريس. وفي ظل هذا التعثر، يبقى التساؤل قائمًا: هل ستنجح الجزائر في استعادة أموالها المنهوبة، أم أن العقبات القانونية والسياسية ستظل تعرقل هذا المسعى؟