في خطوة مثيرة للجدل، صادق البرلمان الفرنسي مؤخرًا على قانون جديد يفرض قيودًا غير مسبوقة على منح الجنسية الفرنسية للأطفال المولودين في جزيرة مايوت، الواقعة في قلب المحيط الهندي. هذه الجزيرة، التي لطالما كانت بؤرة توتر اجتماعي وقانوني، تدخل اليوم مرحلة قانونية جديدة تثير كثيرًا من التساؤلات.
حتى الآن، كان أي طفل يولد على الأراضي الفرنسية — بما فيها مايوت — يحق له طلب الجنسية الفرنسية عند بلوغه 13 عامًا، بشرط إقامة أحد الوالدين في فرنسا لمدة ثلاثة أشهر على الأقل وقت الولادة. لكن بموجب القانون الجديد، أصبح من الضروري أن يكون كلا الوالدين مقيمين بشكل قانوني في مايوت لمدة سنة كاملة قبل أن يُمنح الطفل الجنسية. وفي حالة الوالد الوحيد الحاضن، يكفي إثبات إقامته لمدة سنة.
جاء هذا التشديد ردًا على ما وصفته السلطات الفرنسية بـ”التصاعد الخطير للهجرة غير الشرعية” نحو مايوت، التي تحولت إلى نقطة ضغط على النظامين الاجتماعي والإداري للجزيرة. وتهدف الحكومة من خلال هذا التعديل إلى تقليص جاذبية الجزيرة كـ”بوابة سهلة” نحو الجنسية الفرنسية وبالتالي نحو الاتحاد الأوروبي.
وأكدت السلطات أن هذا الإجراء يقتصر في المرحلة الحالية على مايوت دون باقي الأراضي الفرنسية، سواء في البر الرئيسي أو الأقاليم وراء البحار. غير أن ذلك لم يمنع من تصاعد المخاوف من إمكانية توسيع نطاق هذا القانون ليشمل باقي المناطق الفرنسية مستقبلًا.
وقد واجه القانون انتقادات واسعة من منظمات حقوق الإنسان وخبراء قانونيين، الذين حذّروا من كونه خطوة قد تمهد الطريق نحو سياسات أشد صرامة ضد المهاجرين واللاجئين في أنحاء فرنسا كافة.
هل تشكل مايوت سابقة قانونية؟ وهل يتوسع هذا النموذج ليطال فرنسا الأم؟ أسئلة معلقة في الشارع الفرنسي وبين أوساط المهاجرين والمقيمين.
ما هو مؤكد أن فرنسا تفتح بهذا القرار فصلًا جديدًا في جدل متواصل حول الهجرة، المواطنة، والهوية الوطنية.
12/04/2025