kawalisrif@hotmail.com

ميناء طنجة المتوسط بين صعود مغربي واختراق بروباغاندا معادية … قطر تقود حملات التشويش ولماذا ؟

ميناء طنجة المتوسط بين صعود مغربي واختراق بروباغاندا معادية … قطر تقود حملات التشويش ولماذا ؟

في ظل الطفرة النوعية التي تشهدها الموانئ المغربية، وعلى رأسها ميناء طنجة المتوسط وميناء الدار البيضاء، ظهرت في الآونة الأخيرة دعوات لتنظيم وقفات احتجاجية ضد سفن شركة ميرسك الدنماركية، بدعوى نقلها لأسلحة أو قطع غيار متجهة إلى إسرائيل … غير أن هذه الاتهامات، التي تفتقر لأي دلائل مادية أو تقارير دولية موثوقة، تبدو وكأنها جزء من بروباغاندا مسمومة تُروَّج بشكل ممنهج.

لفهم خلفيات هذا التحريض، يجدر بنا العودة إلى 5 يوليوز 2023، عندما أعلن موقع Turkic World عن نية قطر الانضمام لممر النقل الدولي بين الشمال والجنوب، الذي يمتد لمسافة 7200 كلم، رابطًا سان بطرسبورغ بموانئ إيران والهند. خطوة استراتيجية جاءت كرد فعل على الحصار الخليجي (2017-2021)، ما دفع الدوحة نحو تحالف أوثق مع إيران وتركيا.

ضمن هذا التوجه، استحوذت مجموعة QTerminals القطرية، يوم 15 غشت 2023، على 90% من مجموعة كرامر الألمانية بميناء روتردام، أحد أكبر موانئ أوروبا، في محاولة لتعزيز موقعها في سوق الشحن العالمي.

في الجهة المقابلة، استطاع ميناء طنجة المتوسط جذب كبريات شركات الشحن، خاصة بعد صدور قانون أوروبي سنة 2024 يفرض ضرائب على انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون في الموانئ الأوروبية، ما دفع شركات مثل ميرسك الدنماركية وCMA CGM الفرنسية لتحويل مسارات سفنها من ميناء الجزيرة الخضراء الإسباني إلى طنجة المتوسط.

هذا التحول النوعي عزز مكانة المغرب كمنصة لوجستية عالمية بفضل:
-موقعه الاستراتيجي في مضيق جبل طارق.

-بنيته التحتية الحديثة.

-تسهيلاته الضريبية الجاذبة خارج قوانين الاتحاد الأوروبي.

-كفاءته التشغيلية وانخفاض تكاليفه اللوجستية.

تجلّى هذا النجاح من خلال استثمار ميرسك في محطة APM Terminals MedPort Tangier بقيمة 800 مليون دولار، بطاقة استيعابية بلغت 5 ملايين حاوية مكافئة، مما جعل من طنجة المتوسط مركزًا تنافسيًا مباشرًا لموانئ أوروبية كبرى، أبرزها ميناء روتردام حيث تتمركز الاستثمارات القطرية.

من هذا المنظور، يصبح منطقيا التساؤل هل الحملات الموجهة ضد ميرسك والموانئ المغربية تخدم أجندات إقليمية ودولية متضررة من الصعود المغربي؟

الواضح أن تراجع جاذبية موانئ أوروبا وقطر أمام طنجة المتوسط، يهدد مصالح اقتصادية كبرى بملايين الدولارات، خاصة مع انتقال محاور الشحن البحري من أوروبا نحو المغرب. وتندرج الوقفات الاحتجاجية ضمن حملة تشويه ممنهجة تهدف إلى التشويش على هذا النجاح المغربي واستهداف الشركات المتعاملة مع موانئه.

إن ما يجري اليوم من حملات مغرضة ضد ميناء طنجة المتوسط وشركة ميرسك لا يمكن فصله عن تحولات موازين القوة في قطاع النقل البحري الدولي. فالمغرب، بفضل رؤيته الاستراتيجية وموقعه الجغرافي، أصبح يشكل نقطة ارتكاز جديدة بين آسيا، أوروبا، والأمريكيتين.

وعليه، فإن من يروّج لهذه الإشاعات، عن قصد أو عن جهل، إنما يخدم — بشكل مباشر أو غير مباشر — مصالح منافسين إقليميين ودوليين.

ويبقى التحدي أمام المغرب هو الاستمرار في تحصين موانئه ضد هذه الحملات التضليلية، ومواصلة تطوير بنيته التحتية واللوجستية، لترسيخ مكانته كقوة اقتصادية بحرية صاعدة إقليميا ودوليا.

19/04/2025

Related Posts