لا تزال صدى أجواء عيد الأضحى في المغرب يتردد عبر الحقول والمزارع الإسبانية. فالعلاقة بين البلدين لم تعد مجرد روابط جغرافية، بل شبكة معقدة من المصالح المتبادلة والتأثيرات المتشابكة. قرار المغرب هذا العام، بتعليق ذبح الأضاحي بسبب نقص مقلق في عدد الأغنام، لم يقتصر تأثيره على الأسواق المحلية، بل امتد ليصيب المزارعين الإسبان في العمق.
في العام الماضي، كان المغرب قد استعد لعيد الأضحى بأكثر من 3 ملايين رأس من الأغنام، بينها 680 ألفًا قادمة من الحقول الإسبانية. لكن هذا الموسم، جاء القرار الملكي ليوقف كل شيء، مفاجئًا المربين والمنتجين الإسبان، وعلى رأسهم شركتا Dehesas Cordobesas وGanadería Las Albaidas، اللتان كانتا تستعدان لشحن آلاف الخراف إلى المغرب.
أنطونيو أريفالو، رئيس Dehesas Cordobesas، وصف الوضع بأنه ضربة موجعة. وقال لصحيفة ABC الإسبانية “لقد أعددنا خرافًا ضخمة الحجم خصيصًا لهذا الموسم، ووجدنا أنفسنا فجأة مطالبين بالبحث عن أسواق بديلة. القرار أضر بنا كثيرًا.”
ووفق تقديراته، خسرت إسبانيا فرصة تصدير ما بين 300.000 و400.000 رأس غنم. وحدها تعاونية Pedrocheña تكبدت خسارة بنحو 10.000 رأس.
هذا القرار أدّى إلى انهيار الأسعار في إسبانيا. فالخروف الذي كان يُباع في ديسمبر 2024 بـ130 يورو، هبط إلى 110 يورو — أي بنسبة انخفاض 12%. انخفاض أجبر المنتجين على التحرك السريع، فبدأت شحنات الأغنام تشق طريقها نحو دول عربية مثل الأردن، الجزائر، السعودية، وأخرى أوروبية تحتضن جاليات مسلمة كبيرة كـألمانيا، هولندا، وإيطاليا.
لكن الطريق لم يكن مفروشًا بالورود. يروي أريفالو “لم يكن الأمر سهلًا.. التصدير يتطلب تصاريح معقدة وشحنًا بحريًا منظمًا، وهذه الأمور لا تُنجز بين ليلة وضحاها.”
أما فيليبي مولينا، مدير Ganadería Las Albaidas، فاستخلص درسًا مهمًا “يجب ألا نعتمد على سوق واحد مهما بدا مربحًا. الحل يكمن في تنويع وجهات التصدير، والتركيز على بيع اللحوم المذبوحة بدلًا من نقل المواشي الحية.”
هكذا، تحولت مناسبة دينية في المغرب إلى قضية اقتصادية عابرة للحدود، تكشف مجددًا أن قرارات العيد قد تنعكس في أماكن بعيدة… حيث لا تزال الخراف الإسبانية تنتظر من يشتريها.
21/04/2025