في بلاد العجائب الصحية، حيث يمكن لكل شيء أن يحدث – حتى الاتجار بأدوية السرطان المجانية – فجّرت وثيقة مسرّبة موجة غضب وذهول، بعدما كشفت عن شبهة تورّط أطراف داخل المركز الاستشفائي الجامعي الحسن الثاني بفاس في “استثمار مربح” لا يحتاج رأس مال: فقط قليل من الضمير الغائب، وكثير من المرضى المنهكين.
الوثيقة التي صُنّفت “سرية جدًا” قبل أن تتسرّب بعناية، فضحت عمليات صرف لأدوية باهظة موجهة بالمجان لمرضى السرطان، مع قائمة طويلة بأسماء المستفيدين المفترضين وتواريخ التسليم. لكن، من يدري؟ هل وصلت تلك الجرعات فعلاً إلى أصحابها؟ أم تبخّرت بين رفوف المصلحة وصناديق التهريب؟
مصادر “مطلعة جدًا” رجّحت وجود شبكة تعرف جيدًا كيف تستغل الثغرات: وصفات طبية مفبركة، مرضى “شبه موجودين”، وأدوية “تخرج ولا تعود”. الهدف؟ سوق سوداء تعرف قيمة الدواء أكثر من المريض نفسه. والمكان؟ CHU فاس… حيث تتحوّل المآسي إلى مكاسب.
ويا لسخرية القدر، فالفئة المستهدفة هنا ليست سوى مرضى السرطان – أولئك الذين يتشبثون بأمل العلاج في مؤسسة عمومية، ليجدوا أنفسهم جزءًا من مسلسل عبثي عنوانه: “دواؤك ليس لك، آسف… سبقنا إليه الفاسدون!”
مع انتشار الفضيحة، ارتفعت الأصوات الغاضبة، مطالبة بتحقيق “جاد وشفاف” – وكأننا لم نسمع هذا الشريط من قبل. المجتمع المدني نبّه، الحقوقيون صرخوا، والمرضى ينتظرون. لكن السؤال الأهم: هل سيتحرّك أحد فعلًا؟ أم نُخدر جميعًا بتصريحات مطمئنة ووعود موسمية كما يحدث دائمًا؟
الواقعة ليست مجرد حادث معزول. إنها تجسيد صريح لثقافة الإفلات من العقاب، حيث يصبح كل شيء قابلًا للنهب، حتى حقك في العلاج. فهل نحن أمام منظومة صحية أم منصة تجريبية للفساد المستمر؟
إن كان للعدالة أن تقول كلمتها، فلتبدأ من هنا. أما إذا تم دفن الملف كغيره، فعلى المرضى أن يبحثوا عن “دوائهم” في مكان آخر… أو ينتظروا “الفرج” على الطريقة المغربية.
01/05/2025