في ظل تفاقم معاناة العابرين من وإلى مدينة مليلية المحتلة عبر معبر بني أنصار، خرجت فضيلة مختار، الناطقة باسم الحكومة المحلية للمدينة، بتصريحات لافتة، وجهت خلالها نداءً حادًا إلى الحكومة المركزية الإسبانية، دعت فيه إلى “رحمة مفقودة” تجاه سكان المدينة الذين يُحاصرون يوميًا بطوابير انتظار طويلة ومرهقة.
وفي تصريح يعكس حالة احتقان اجتماعي متصاعدة، وصفت مختار ما يجري في المعبر الحدودي بـ”الوضع المؤلم واللاإنساني”، مشيرة إلى أن فترات الانتظار تمتد أحيانًا إلى ست ساعات، ما يُثقل كاهل الأسر، والأطفال، وكبار السن، والعمال العابرين للحدود يوميًا، سواء من سكان مليلية أو من جنسيات أخرى كالكولومبيين – على حد تعبيرها بنبرة تهكمية.
وجاءت تصريحات المسؤولة المحلية بالتزامن مع مثول وزير الخارجية الإسباني، خوسيه مانويل ألباريس، أمام البرلمان، حيث يُنتظر أن يقدّم توضيحات بشأن الجمرك التجاري ومصير تنظيم عبور الأشخاص بين الضفتين. واعتبرت مختار أن ما يجري “عقوبة جديدة تعرقل نمو المدينة”، موجّهة انتقادات لاذعة للحكومة المركزية التي، بحسب قولها، تتجاهل حجم المعاناة اليومية للسكان.
وتساءلت مختار: “لماذا نسمح باستمرار هذه الطوابير غير الرحيمة؟”، مؤكدة أن قوات الأمن تقوم بواجبها بكفاءة، ولا تتحمل مسؤولية هذا الوضع المأساوي، في ظل غياب إرادة سياسية حقيقية لمعالجته.
ومع استمرار صمت مدريد، تصاعد الغضب الشعبي داخل المدينة، حيث شهدت الأيام الأخيرة احتجاجات واسعة صدحت خلالها أصوات المواطنين بشعار “كفى!”، تعبيرًا عن رفضهم لوضع وصفوه بالمهين وغير الإنساني. ولفتت مختار إلى أن مئات الأسر تنتظر نهاية الأسبوع للقاء ذويها أو الالتحاق بمقرات العمل، إلا أن ساعات الانتظار الطويلة تحت الشمس الحارقة أو في البرد القارس تزيد من معاناتهم.
وفي إطار البحث عن حلول محلية، كشفت المتحدثة باسم حكومة مليلية عن خطة عمل انطلقت بشراء قطعة أرض مجاورة للمعبر الحدودي، خُصص لها 300 ألف يورو من أصل ميزانية إجمالية بلغت 850 ألف يورو، على أن تُجهّز بالخدمات الأساسية، من مظلات للحماية من أشعة الشمس، ومياه، ومرافق صحية. واعتبرت هذه المبادرة خطوة مؤقتة في انتظار تدخل مركزي شامل.
وأضافت مختار: “لم نظل مكتوفي الأيدي في المكاتب، بل بادرنا بالتحرك تحسبًا لصيف قد يكون ساخنًا بكل المعاني”. وأوضحت أن الأرض كانت تُستخدم سابقًا خلال موسم العبور الصيفي فقط، لكنها ستتحول الآن إلى بنية تحتية دائمة لتخفيف الضغط عن المدينة.
وفي ختام تصريحاتها، لم تُفوّت مختار الفرصة لتوجيه انتقادات مباشرة للحزب الاشتراكي، متسائلة بسخرية: “كيف يعترضون على تعديلات الميزانية وهم لا يملكون حتى ميزانية وطنية؟”. واعتبرت أن جهود حكومة مليلية تكشف غياب الانسجام والتجاوب من طرف الحكومة المركزية.
وختمت بدعوة واضحة إلى مدريد: “على مندوبة الحكومة ووزير الخارجية أن يتحملا مسؤوليتهما، ويجلسا إلى طاولة القرار، من أجل اتخاذ تدابير تحفظ كرامة المواطنين وتضع حدًا لمعاناة طال أمدها”.
02/05/2025