من داخل الورشات المتقدمة لشركة Navantia الإسبانية في منطقة سان فرناندو بمدينة قادش، تتواصل أشغال بناء الفرقاطة المغربية من طراز Avante 1800 بوتيرة ثابتة، في إطار مشروع استراتيجي من المنتظر أن يرى النور سنة 2026، حين تنضم هذه القطعة البحرية المتطورة إلى أسطول البحرية الملكية المغربية.
وتُجسّد الفرقاطة Avante 1800 طفرة نوعية في مسار تحديث القدرات الدفاعية البحرية للمملكة، كما تعكس عمق التعاون العسكري المتنامي بين المغرب وإسبانيا، ليس فقط في جانب التزوّد بالعتاد، بل أيضًا من خلال نقل التكنولوجيا وتكوين أطقم مغربية متخصصة في المجال البحري الدفاعي، وهو ما أكّدته مصادر مطلعة مشيرة إلى احترام المشروع للجدول الزمني المحدد بموجب عقد تصل قيمته إلى 400 مليون يورو.
تُعد Avante 1800 من أبرز منتجات الصناعة الحربية الإسبانية الحديثة، وتتميّز بتصميم مرن متعدد الاستخدامات يتيح لها تنفيذ مهام مختلفة في المياه الإقليمية والدولية، سواء تعلّق الأمر بالرصد والمراقبة، أو التدخل العملياتي والدفاع الساحلي.
يبلغ طول الفرقاطة 87 مترًا، وعرضها 13 مترًا، وتبلغ إزاحتها القصوى حوالي 2020 طنًا. وتستوعب طاقمًا من 60 فردًا، مع مراعاة ظروف الراحة والجاهزية للعمل في مهام طويلة الأمد. وتصل سرعتها القصوى إلى 26 عقدة بحرية، بمدى تشغيلي يصل إلى 4000 ميل بحري عند سرعة اقتصادية تبلغ 15 عقدة، ما يجعلها مثالية للانتشار البحري البعيد وذات تكلفة تشغيلية منخفضة.
تم تجهيز السفينة بنظام دفع من نوع CODAD (ديزل وديزل مشترك)، يضم أربعة محركات رئيسية من نوع MAN 175D، مدعومة بـ خمس مجموعات مولدات كهربائية Baudouin 6 M26.3، ما يضمن أداءً قويًا وفعالية في استهلاك الطاقة.
تتوفر Avante 1800 على منصة طيران قادرة على دعم مروحيات بوزن يصل إلى 10 أطنان، وكذلك طائرات مسيّرة للإقلاع العمودي، إلى جانب حظيرة داخلية للعمليات الجوية، مما يعزّز قدراتها في مهام الإنقاذ والمراقبة والدعم الجوي. كما تضم الفرقاطة قاربين RHIBs بطول 8 أمتار، يستخدمان في الإنزال السريع والمهام المساعدة.
ورغم أن التكوين الرسمي لتسليح النسخة المغربية لم يُكشف بعد، إلا أن التصميم القاعدي للسفينة يتيح دمج مجموعة واسعة من أنظمة الأسلحة، تشمل عادةً مدفعًا رئيسيًا بعيار 76 ملم أو 57 ملم، ومحطات أسلحة يتم التحكم فيها عن بُعد بعيارات 25 ملم أو 30 ملم، فضلًا عن إمكانية تركيب أنظمة صواريخ مضادة للسفن ودفاع جوي حسب احتياجات المهام.
يمثل مشروع Avante 1800 خطوة ملموسة في استراتيجية المغرب لتحديث وتطوير أسطوله البحري، وتعزيز استقلاليته في حماية المصالح الوطنية ومراقبة حدوده البحرية، خاصة في ظل التحديات الأمنية المتصاعدة في محيطه الإقليمي.
تقدّم هذه الفرقاطة تحفة بحرية متقدمة تجمع بين القوة، والدقة، والتكنولوجيا، وتمثل مثالًا حيًا على نجاح الشراكات الصناعية والعسكرية الهادفة لبناء قوة بحرية متكاملة وذات كفاءة عالية.