صحيفة “إل باييس” : إذا كان اسمك محمد، فقد لا ترد المدارس الكاثوليكية حتى على طلب تسجيلك
في دراسة صادمة كشفت عن جانب مظلم في النظام التعليمي الإسباني، أضاءت صحيفة “إل بايس” الإسبانية على نتائج دراسة جديدة أعدها المجلس الأعلى للبحوث العلمية (CSIC) في إسبانيا، والتي سلطت الضوء على التمييز العنصري في المدارس الكاثوليكية ضد الطلاب ذوي الأسماء ذات الأصول العربية. رغم أن هذه المؤسسات التعليمية تروج لقيم التسامح والمساواة، تكشف الدراسة أن التمييز يعشش في أكثر الأماكن التي يفترض أن تكون محايدة وشاملة: مدارس التعليم الكاثوليكي.
الدراسة التي شملت إرسال 5000 طلب تسجيل من طلاب بأسماء إسبانية وعربية (مثل محمد) إلى مدارس كاثوليكية وعلمانية على حد سواء، أظهرت أن المدارس ذات الهوية الكاثوليكية كانت أكثر ميلًا لرفض أو تجاهل الطلبات التي تحتوي على أسماء غير إسبانية. ووفقًا للنتائج، فإن هذا التمييز أصبح سمة واضحة، خصوصًا عندما يتعلق الأمر بالطلاب من أصول مغربية أو سنغالية.
يبدو أن المدارس الكاثوليكية، التي يفترض أن تحتضن جميع الطلاب على اختلاف خلفياتهم، قد اختارت فصل الأطفال على أساس أسمائهم. وبحسب الدراسة، فإن الطلاب الذين يحملون أسماء ذات أصول عربية أو إسلامية، مثل “محمد”، تعرضوا لتجاهل واضح، في حين كانت الردود أكثر سرعة وموافقة للأزواج المثليين بنسبة 15%.
ربما تكون الصدمة الأكبر في هذه الدراسة هي ملاحظة تأثير التمييز في المناطق الريفية، حيث يُظهر السكان الأجانب نسبة أعلى مقارنةً بالمناطق الحضرية. في هذه المناطق، بدا التمييز أكثر وضوحًا، مما يثير تساؤلات حول الكيفية التي يتم بها نشر هذا النوع من التحيز في المجتمع، وكيف يتأثر الطلاب غير الإسبان في بيئات أكثر تحفظًا.
منذ لحظة الالتحاق بالمدارس، يبدو أن الطلاب من أصول مغربية وسنغالية يعانون من فجوة تعليمية واسعة. ورغم تحسن مهاراتهم مع مرور الوقت، إلا أن هذا التحسن يظل أدنى بكثير من نظرائهم الإسبان. هذا التفاوت يهدد بتكريس حلقات مفرغة من الفقر والتهميش، ويؤكد أن التمييز ليس فقط في التسجيل بل يمتد إلى فصول الدراسة والتوجيه الأكاديمي.
تم عرض نتائج الدراسة في الملتقى الأول للمغاربة في إسبانيا الذي نظمته جمعية إيتران في برشلونة. وقد لاقى الموضوع نقاشًا حادًا، حيث تناول المشاركون أوضاع الجالية المغربية في إسبانيا، خاصة في مجالات الهجرة والاندماج والتعليم. وقد أكدوا أن هذه الظاهرة لا تقتصر على المدارس، بل تمتد لتشمل قطاعات أخرى من الحياة الاجتماعية والاقتصادية.
إن هذه الدراسة ليست مجرد كشف عن واقع مرير في المدارس الإسبانية، بل هي دعوة للتأمل في مفارقة حادة. كيف يمكن أن يتبنى نظام تعليمي قيم التسامح والمساواة بينما يقبل التمييز الممنهج ضد فئة معينة من الطلاب؟ إن التمييز ضد الأسماء العربية في المدارس الكاثوليكية الإسبانية يعكس أزمة أعمق تتعلق بالاندماج والعدالة الاجتماعية، وهو تحدٍ يتطلب تصحيحًا جذريًا.
08/05/2025