صباحات الإثنين في ثانوية الريف التأهيلية ليست عادية. هناك، في عمق جماعة امطالسة بإقليم الدريوش، تتمايل الأجساد وقوفًا على إيقاع النشيد الوطني، تتحد الأصوات، وتُشدّ العيون نحو راية تُلامس السماء … مشهد يحبس الأنفاس، تلتحم فيه المدرسة بالوطن، والرمز بالانتماء.
لكن وسط هذا الطقس العابق بالكرامة، ثمة غياب صارخ، لا يعلنه أحد، لكنه يُرى… ويُحسّ. المدير؟ ليس هنا. مرة أخرى، يتخلف عن لحظة ليست ككل اللحظات. لحظة تلامس فيها الأرواح شرف الوطن، ويُفترض أن تتقد فيها القدوة، لا أن تُطفأ.
ليست صدفة. ليست وعكة عابرة. بل “راحة” مبرمجة بعناية، تنطلق دائمًا حين يُطلق النشيد، وتنتهي بعد أن تُطوى الرايات. راحة تُدوّن في الذاكرة الجماعية كعلامة استفهام كبيرة: أي راحة هذه التي تختار أن تغيب حين يحضر الوطن؟
إنه غياب لا يُحاسَب عليه قانونًا، لكنه يُحاسَب عليه الضمير. لأنه لا يُعلم القيم من لا يُؤمن بها، ولا يُربي على المواطنة من يختبئ منها كل صباح. العلم مرفوع، نعم، لكن صورة المدير المنسحب… تسقط.
والتلاميذ، حين يرون القدوة تتراجع خطوة إلى الوراء، سيتساءلون: هل هذا الوطن يستحق أن نُقسم له الولاء، إذا كان أول الواقفين على رأس المؤسسة، أول الغائبين؟
في صمت الساحة، تُقال أشياء كثيرة. والنشيد الوطني، وإن ارتفع عاليًا، يختنق في صدور من أدركوا أن القدوة… غابت.
11/05/2025