في خطوة تؤكد تسارع دينامية الانفتاح المغربي على العمق الإفريقي، وضمن رؤية شمولية لتعزيز الحضور الجيو-استراتيجي، رفع المغرب في السنوات الأخيرة من وتيرة نسج شراكات عسكرية متينة مع عدد من الدول الإفريقية، تُوّجت مؤخراً بتوقيع اتفاق جديد مع دولة كوت ديفوار، يوم الجمعة الماضي.
بلاغ رسمي لإدارة الدفاع الوطني أوضح أن الاتفاق الذي وقّعه عبد اللطيف لوديي، الوزير المنتدب المكلف بإدارة الدفاع الوطني، ونظيره الإيفواري، يشمل ميادين استراتيجية كالتموين، التدريب، الصحة العسكرية، وتبادل الخبرات والمساعدة التقنية، مما يرسخ تقاطع المصالح بين الرباط وأبيدجان في مجالات حيوية تتجاوز البعد الأمني.
وخلال اللقاء، عبّر الطرفان عن إرادة مشتركة لتعزيز الشراكة الثنائية، بما يعكس عمق روابط الصداقة والاحترام المتبادل بين البلدين، ويفتح آفاقاً جديدة في تنزيل التعاون الدفاعي على أرض الواقع.
ولم يكن هذا الاتفاق وليد الصدفة، بل يأتي في سياق سلسلة من التحركات المغربية النوعية، أبرزها زيارة الفريق أول محمد بريظ، المفتش العام للقوات المسلحة الملكية، إلى إثيوبيا نهاية أبريل الماضي، حيث ناقش مع نظيره الإثيوبي مشروع اتفاقية تعاون عسكري شاملة، ستُعتمد قريباً، لتلتحق بركب الاتفاقات التي عقدها المغرب مع عدد من العواصم الإفريقية.
هذه التحركات ليست منعزلة، بل هي لبنات في استراتيجية مغربية كبرى ترمي إلى التموقع كقوة فوق إقليمية في القارة. وفي هذا الصدد، يقول الخبير السياسي والعسكري محمد الطيار إن المملكة تمضي بخطى واثقة نحو بناء نموذج متكامل للتعاون الإفريقي، لا يقتصر فقط على الجانب العسكري، بل يشمل الأمن الغذائي، الروحي، الاقتصادي، والدبلوماسي، في رؤية تتكامل وتخدم طموحات مغربية واضحة نحو الريادة.
الطيار أشار إلى أن التعاون العسكري ينهض على شقين أساسيين: الأول يرتبط بتأهيل الكفاءات الإفريقية من خلال استقبال طلبة وضباط في معاهد عسكرية مغربية، والثاني يتمثل في دعم قدرات هذه الدول على بسط نفوذها وسيادتها الترابية، عبر رفع جاهزيتها البشرية والتقنية.
إنها مقاربة ذكية وهادئة، تجمع بين القوة الناعمة والعسكرية، وتجعل من المغرب لاعباً وازناً في هندسة التوازنات الاستراتيجية بالقارة السمراء.
11/05/2025