في جزيرة معزولة تحاصرها مياه المحيط الهادئ، وعلى صخرةٍ صمدت في وجه الزمن، يقف سجن ألكاتراز شامخًا كرمزٍ للغموض والخوف والهيبة. هذا المعتقل الأسطوري، الذي تحوّل منذ أكثر من نصف قرن إلى مزار سياحي يستقبل آلاف الزوار يوميًا، عاد فجأة إلى دائرة الضوء—not بفعل اكتشاف أثري أو إنتاج سينمائي جديد، بل بتغريدة مثيرة من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أعلن فيها رغبته في إعادة فتح السجن كجزء من حملته المتشددة ضد الجريمة، تحت شعار “لا تسامح بعد اليوم”.
اكسر القواعد وستذهب إلى السجن، اكسر قواعد السجن وستذهب إلى ألكاتراز—عبارة ضخمة تُستقبل بها أفواج السياح عند مدخل السجن، لكنها تحوّلت، بفضل ترامب، إلى شارة سياسية جديدة تعبّر عن صرامته. فبمجرد نشره للصورة مرفقة بتعليقه الحازم، انطلقت موجة من ردود الفعل، بين من اعتبرها استعراضًا انتخابيًا متطرفًا، ومن رأى فيها مؤشرًا خطيرًا على ميلٍ متصاعد نحو سياسات العقاب القاسي.
أُغلق السجن رسميًا في عام 1963 بسبب ارتفاع تكاليف تشغيله وظروفه غير الإنسانية، بعدما ضمّ بين جدرانه أشهر المجرمين في التاريخ الأمريكي، من آل كابوني إلى “طائر ألكاتراز” روبرت ستراود. واليوم، بعد أكثر من ستة عقود من الصمت، يريد ترامب أن يُعيد إلى “الصخرة” صرامتها، لا باعتبارها موقعًا تذكاريًا، بل كمنصة استعراضية لقوته ووعوده الانتخابية.
فهل هي مجرد محاولة يائسة للفت الأنظار وكسب تأييد القاعدة الشعبية؟ أم أنها تمهيد فعلي لعودة زمن السياسات العقابية المتطرفة؟ في كلتا الحالتين، ألكاتراز لم يعد مجرد أطلال وسط البحر، بل عاد، وبقوة، إلى قلب النقاش السياسي الأمريكي.
12/05/2025