في واقعة جديدة تؤكد أن بعض الإعلام الإسباني لا يملُّ من الانزلاق في فخ الجهل أو ربما “الحنين الاستعماري”، تجرأت صحيفة El Mundo Deportivo على وصف نادي سبتة المحتلة بأنه “فريق من أصل مغربي”. نعم، هكذا وبكل بساطة، كأنما تتحدث عن نوع زيت الزيتون أو طبق طاجين.
الصحيفة نشرت العنوان ثم عدلته لاحقًا، بعد أن اشتعلت المدينة ـ بحدودها ومينائها وساكنيها ـ غضبًا. لكن، ما فائدة تعديل العنوان إذا كان الرابط الأصلي لا يزال يحمل ما سمي ب “الخطيئة الصحفية الكبرى” ؟ يبدو أن ذاكرة الإنترنت أطول من ذاكرة الاعتذار !
في بيان رسمي يقطر أسى وامتعاضًا، عبّرت الجامعة الكروية بمدينة سبتة المحتلة عن سخطها العارم، ووصفت ما نُشر بأنه “وصف غير دقيق ومهين”. ثم أضافت بجديّة مفرطة أن “سبتة هي إسبانيا، تمامًا كمدريد أو لا ريوخا أو أستورياس”… وهنا يكاد القارئ المغربي يصفّق إعجابًا بهذه الثقة الأسطورية في إعادة تعريف الجغرافيا !
أليس من اللطيف أن تستميت مدينة تتنفس هواء مغربيًا وتعيش على تراب مغربي وتحيط بها كل شواهد الهوية المغربية، ثم تصرخ: “أنا إسبانيا”؟ لا عجب، فحتى طيور النورس في سبتة قد تحتاج إلى تصريح عبور !
الجامعة طالبت بـ”تصحيح فوري للعنوان احترامًا للمبادئ الصحفية”. وهذا جميل طبعًا، لكنه يفتح الباب لسؤال بريء: هل الصحيفة أخطأت حقًا، أم أن ما كتبته أفلت من رقابة الرقابة؟ وهل الإشارة إلى “أصل مغربي” تُعدّ إهانة في عرف الإعلام الإسباني؟ لو كانت كذلك، فربما حان وقت إعادة تعريف “الإهانة” .
لم تكن هذه المرة الأولى التي تحاول فيها وسائل إعلامية إسبانية تقزيم سبتة أو التنصل من الحقيقة المزعجة: أن المدينة ـ رغم الاحتلال والحدود والأسلاك الشائكة ـ مغربية الهوى والهوية. والفرق الوحيد هذه المرة، أن “الزلة” جاءت من صحيفة رياضية، مما أحرج الاتحاد وجعله يُسارع للقول: “سبتة هي كرة قدم… وسبتة هي إسبانيا” .
لكن الحقيقة يا سادة؟ سبتة هي جرح في خاصرة الوطن، وشهادة حية على أن الاستعمار لا يزال يلبس بدلة أوروبية ويتحدث بلكنة مدريدية… ويمسك القلم ليكتب مقالات محرجة، ثم يحاول تصحيحها كما يُصحح هدفًا ألغي بداعي التسلل .