أعلنت شركة “مارتشيكا ميد”، التابعة لوكالة تهيئة بحيرة مارتشيكا بالناظور، يوم 16 ماي الجاري، عن استقطاب ما أسمته ب “استثمارات جديدة” بقيمة 1.4 مليار درهم في إطار مشروع إعادة إحياء مدينة أطاليون، ضمن ورش تنموي يُعد من بين أبرز مشاريع التهيئة الحضرية في جهة الشرق.
وقد تم تقديم هذه الخطوة على أنها “إنجاز نوعي” من شأنه أن يُحدث تحولاً اقتصادياً وعمرانياً في المنطقة ، وقامت بتسويق ذلك عن طريق إرشاء وتحويلات لبعض المواقع الإخبارية التائهة لنشر المعلومة الكاذبة … غير أن خبراء وفاعلين اقتصاديين عبّروا عن قلق متزايد من طبيعة هذه “الاستثمارات”، التي يعتبرونها في جوهرها مجرد عملية تفويت لعقارات الدولة بغطاء تجاري صرف.
تفاصيل العملية، حسب المعطيات المتوفرة، تُظهر أن الأمر يتعلق ببيع أراضٍ عمومية سبق أن تم نزع ملكيتها من الساكنة المحلية في إطار مشروع مارتشيكا، ليُعاد بيعها لخواص قصد إنشاء مشاريع عقارية وتجارية. ويطرح هذا النموذج تساؤلات حقيقية حول ما إذا كان يُمكن اعتباره استثمارًا فعليًا يُسهم في التنمية المستدامة، أم مجرد إعادة توزيع للثروة العقارية لفائدة فئات محددة.
وتشير مصادر متقاطعة إلى أن دفتر التحملات الخاص بهذه الاستثمارات تم إعداده بطريقة تُقصي عددًا كبيرًا من المقاولات ، وذلك عبر شروط تقنية ومالية وصفت بـ”التعجيزية”. وقد تم بالفعل إقصاء بعض العروض رغم تفوقها تقنيًا وماليًا، ما يثير علامات استفهام حول نزاهة ومسار طلبات العروض، ومدى احترام مبادئ الشفافية والمنافسة.
ورغم مرور سنوات على انطلاق المشروع، لا تزال المرافق العمومية ذات الطابع الاجتماعي – مثل المراكز الصحية، المؤسسات التعليمية، والمركبات الفندقية والسياحية – غائبة عن المشهد، في ظل غياب مستثمرين مهتمين بهذه القطاعات. ويُعزى ذلك، بحسب بعض المتتبعين، إلى غياب رؤية واضحة ومندمجة من طرف الشركة المشرفة، مما أضعف الثقة في أفق المشروع.
ويتساءل متابعون عن دور شركة “مارتشيكا ميد” بصفتها الذراع المؤسساتي للدولة في هذا الورش الملكي الكبير . إذ لم تبادر، لحد الآن، إلى إنجاز مشاريع نموذجية يمكن أن تُحفّز الفاعلين الاقتصاديين، واكتفت بدور “الوسيط العقاري”، حسب تعبير بعض الإقتصاديين ، ما يطرح تساؤلات حول فعالية تدبيرها وجدوى تدخلها في المشروع.
في ظل هذه المعطيات، تتعالى أصوات مطالبة بتدخل الجهات الرقابية والإدارية لإجراء افتحاص شامل للمساطر التي اعتمدت، وتحديد المسؤوليات المؤسساتية، من أجل إعادة المشروع إلى سكته الأصلية ،كما حدّدتها التوجيهات الملكية: تنمية شاملة، مستدامة، وعادلة، وليس تسويقًا عقاريًا مربحًا لفئات محددة ، مع وضع كفاءات ، وأشخاص نزهاء على رأس شركة مارتشيكا ميد ، ووكالة تهيئة بحيرة مارتشيكا .
16/05/2025