في كلمتها الافتتاحية خلال اجتماع الجمعية العامة للمجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، أكدت رحمة بورقية على الحاجة الملحة لإعادة النظر بشكل جذري في الإطار القانوني والتنظيمي الذي يحكم التعليم العالي في المغرب، معتبرة أن القوانين الحالية لم تعد تواكب التحولات العميقة التي يشهدها المجتمع المغربي والتغيرات العالمية المتسارعة. وأوضحت أن المشروعين الجديدين المعروضين للنقاش يهدفان إلى تحديث التشريعات وتنظيم الإدارة بشكل أكثر عقلانية لتعزيز جودة التدبير والفعالية في القطاع، مع التركيز على مسايرة التطورات المجتمعية والاقتصادية والتكنولوجية التي تفرضها المستجدات المحلية والعالمية.
وربطت بورقية بين تحديث منظومة التعليم العالي والرهان الوطني على التنمية البشرية، مشيرة إلى أن الجامعة لم تعد مجرد فضاء للتعليم، بل أصبحت مركزاً حيوياً للإنتاج العلمي والتكنولوجي، وفضاءً لتكوين أجيال قادرة على مواجهة تحديات المستقبل. وشددت على الدور الثقافي والفلسفي العميق الذي تضطلع به الجامعات في نقل المعرفة بين الأجيال وتطويرها، مؤكدة أن إصلاح القوانين والتشريعات هو ضرورة لضمان تجديد مستمر للمعارف والمهارات. كما نبهت إلى ضرورة اعتماد آليات حكامة جديدة، خصوصاً في الجامعات العمومية التي تواجه ضغوط تمويلية كبيرة نتيجة النمو الديمغرافي، داعية إلى توفير خدمات جامعية ذات جودة عالية تحفظ مكانة الجامعة كمنارة للعلم والمعرفة.
كما تطرقت بورقية إلى أهمية توسيع التعليم الرقمي عن بُعد لتعزيز الإنصاف وتكافؤ الفرص، لا سيما لفائدة الطلاب في المناطق النائية، مؤكدة على الدور التنموي للجامعة في الحد من الفوارق المجالية والاجتماعية. وأشارت إلى التأثير المتزايد لتقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي على التعليم العالي، التي ستفرض تحولات جوهرية في أساليب التدريس وتصميم المناهج ونظم الامتحانات، مما يتطلب تكيفاً سريعاً من جميع الفاعلين. وفي ختام كلمتها، شددت على أن تحقيق نقلة نوعية في التعليم العالي مرهون بحكامة فعالة وقانون قوي قادر على مواجهة التحديات الاقتصادية والمعرفية في عالم يشهد تنافساً حاداً، مع ضرورة استيعاب قضايا الاستدامة البيئية والعدالة الاجتماعية لضمان تنمية بشرية متوازنة.
20/05/2025