لم يكن ما ورد في تقرير مجلة أتلانتيكو الفرنسية سوى تأكيد آخر على أن المغرب يسير بخطى واثقة في الدفاع عن وحدته الترابية، وأن سياسة اليد الممدودة والحزم الدبلوماسي التي ينتهجها الملك محمد السادس قد بدأت تؤتي ثمارها، على المستويين الإقليمي والدولي. فاعتراف القوى الكبرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة وإسبانيا، بسيادة المغرب على صحرائه ليس سوى نتيجة طبيعية لموقف مغربي ثابت ومشروع، يستند إلى شرعية تاريخية وقانونية، وإلى رؤية تنموية متقدمة في الأقاليم الجنوبية.
في المقابل، فإن النظام الجزائري، الذي استثمر لعقود في مشروع وهمي اسمه “تقرير المصير”، يجد نفسه اليوم محاصرا بخياراته الفاشلة، ودعمه المستمر لكيانات غير شرعية لا مستقبل لها. ومن مظاهر هذا الارتباك، ما تقوم به الجزائر من خطوات عدائية لا يمكن وصفها سوى باليائسة، كإنشاء قاعدة عسكرية قرب بشار، لا تخيف المغرب في شيء، بل تكشف عن هوس مرضي تجاه جارٍ استطاع أن يُحوِّل أقاليمه الصحراوية إلى أقطاب استثمارية متقدمة، بينما تغرق الجزائر في صراعات مع محيطها وتبديد ثرواتها على حساب رفاهية شعبها.
والأكثر سخرية أن الجزائر تجد نفسها اليوم على خلاف حاد حتى مع حلفائها التقليديين. فروسيا التي ظلت لسنوات تساند الجزائر عسكريا، تتبنى اليوم سياسة براغماتية منفتحة على المغرب، مدركةً أن المصلحة تكمن في دعم الاستقرار والتنمية، لا في تغذية نزاعات انفصالية متجاوزة. أما مالي، التي كانت حليفا استراتيجيا للجزائر، فقد انقلبت عليها، وأصبحت تتحرك خارج وصايتها، في ظل تحالفات جديدة مع موسكو وفاعلين آخرين.
كل هذه المعطيات تؤكد أن الجزائر لم تعد تمسك بزمام المبادرة، بل أصبحت تتخبط وسط طوق من الأزمات، فيما يواصل المغرب صعوده كقوة إقليمية موثوقة، قائمة على الشرعية، الانفتاح، والشراكات الرابحة.
24/05/2025