في إقليم بركان، وتحديدًا في جماعة أكليم، تتردد على ألسنة السكان جملة صادمة تلخص مأساة التمثيل السياسي المحلي: “رئيسنا لا نراه إلا كل ثلاث أشهر!”.
الرجل الذي يجمع بين صفتين كبيرتين – رئيس جماعة ونائب برلماني – يجمع كذلك بين سلوكين مثيرين للجدل: الغياب الممنهج، والصمت المتعالي … فكيف يُعقل أن يغيب عن التدبير اليومي لشؤون جماعته، ولا يظهر إلا في دورات تُعقد كل فصل كما لو أن مصالح الناس تنتظر جدول أعماله الأوروبي؟ وكيف يُبرر غيابه الفاضح عن واحدة من أهم المحطات الرسمية: حفل تنصيب عامل الإقليم الجديد، دون أدنى احترام لرمزية اللحظة أو حتى اعتذار يُقنع؟
الرئيس البرلماني، أو البرلماني الرئيس، يقيم في بلجيكا، وهناك يعيش في راحة البال والرفاهية، بينما سكان أكليم يتخبطون في مشاكلهم اليومية : طرق مهترئة، خدمات شبه منعدمة، وغياب أي تواصل حقيقي ! وحين يسأل عن غيابه، تأتي الإجابة الصادمة من فمه مباشرة: “أنا شريت الأصوات، وكتاسحت الانتخابات، ما تسالوليش !”
نعم، بهذه الوقاحة رد على سخط الشارع، وكأن المنصب سلعة في سوق، والكرسي مِلك خاص يُشترى ويُباع!
لا في قبة البرلمان له حضور، ولا في جماعته له دور. لا اقتراحات، لا مرافعات، لا تتبع للمشاريع، ولا حتى الحد الأدنى من التواصل مع من صوتوا له. يُقال إن ملفاته تثير الاستفهام، وإن وجوده صار عبئًا لا مكسبًا، لكن أين المساءلة؟ أين الجهات الرقابية؟ أين الأحزاب التي تزكي مثل هذه النماذج ثم تكتفي بالصمت حين يفتضح الأمر؟
التمثيل ليس امتيازًا، بل مسؤولية. وحين يتحول إلى صفقة انتخابية عابرة، فمن حق الناس أن تغضب، أن ترفع صوتها، أن تكتب وتحتج، بل أن تُطالب بإقالة من لا يحترمهم. رئيس الجماعة ليس ضيفًا، والبرلماني ليس “مهاجرًا سياسيًا”. إذا كان المنصب أكبر من التزامك، فاستقل واتركه لمن يقدر ثقله.
29/05/2025