في فجرٍ بدا عادياً في ملامحه، لكنه استثنائي في خفاياه، تحوّلت جماعة بني درار، التابعة لعمالة وجدة أنجاد، فجر أمس الثلاثاء إلى مسرحٍ لعملية أمنية دقيقة نفّذها كومندو أمني متخصص . عشرون عنصراً من النخبة الأمنية للفرقة الوطنية للشرطة القضائية ، قدموا من الدار البيضاء في سرّية تامة، متنكرين في سيارات مدنية، وأخرى رسمية بقيت بعيدة ، لينفّذوا مهمة خاطفة بصمتٍ يُشبه العاصفة.
التحرّك لم يكن عشوائيًا، بل ثمرة عمل استخباراتي دقيق وفّره جهاز المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني ( الديستي ) ، الذي كشف خيوط شبكة إجرامية متخصصة في الاتجار بالمخدرات، لا عبر الدروب الترابية أو الطرق الملتوية، بل باستخدام طائرات درون متطورة لعبور الحدود المغربية الجزائرية، وعودنها مشحونة ب “السموم البيضاء” والقرقوبي إلى التراب المغربي.
بحسب مصادر مطلعة، فإن هذه الشبكة كانت تنشط في محور جماعتي بني درار – وبني خالد، معتمدة على طائرات بدون طيار في تهريب شحنات الحشيش والممنوعات، ضمن مخطط إجرامي يستغل التكنولوجيا الحديثة لتقليص المخاطر ورفع هامش الربح.
غير أن الغفلة عن تطور آليات المراقبة كانت الثغرة القاتلة في منظومتهم، إذ اصطدمت “العبقرية الإجرامية” بجدار التقنيات المضادة التي طوّرتها الأجهزة الأمنية المغربية.
في عملية توصف بالدقيقة والخاطفة، تمكّن رجال الفرقة الوطنية من اعتقال ستة عناصر يُشتبه في قيادتهم للشبكة، اثنان منهم في بني درار، وأربعة من دواوير أولاد صالح، البرابشة، والشراگة. بجماعة بني خالد الحدودية مع الجزائر، العملية نُفذت في توقيت محسوب، مع انبلاج أولى خيوط الفجر، حين كان الظن أن الليل يحمي الممنوع ، وخلال عملية إعتقال أحد المتهمين وجد في لحظة حميمية على صدر زوجته ( وفق مصدر موثوق ) .
ويُعدّ لجوء شبكات التهريب إلى طائرات الدرون تحولاً نوعيًا في أساليب الجريمة المنظمة، ومحاولة للالتفاف على الرقابة البرية. لكن الأجهزة المغربية، مدعومة بتعاون استخباراتي داخلي وخارجي، أثبتت أنها لا تكتفي بالملاحقة، بل تسبق الخطوة بخطتين.
التحقيقات ما تزال متواصلة، حيث يخضع الموقوفون لاستنطاقات معمّقة من طرف عناصر الفرقة الوطنية، في محاولة لتفكيك بقية أطراف الشبكة، وتحديد الامتدادات المحتملة التي قد تشمل تمويلًا خارجيًا أو تواطؤًا داخليًا.
18/06/2025
