في مشهدٍ يكادُ يُشبه حبكاتِ الأفلام البوليسية، اقتحمت وحدةُ العمليات المركزية بالحرس المدني الإسباني (UCO) فجرَ 10 يونيو الجاري منزلَ وزيرِ النقل السابق خوسيه لويس أبالوس بحيّ مارشالنِس في فالنسيا ، كانت برفقته الشابة أَنَيْس د. ج. (32 عامًا) ـــ المعروفة فنيًّا باسم «ليتيزيا هيلتون» والملقَّبة بـ la pija del porno بعد انتقالها من عروض أزياء FHM إلى أفلام البالغين. وأثناء مغادرتها المنزل «لتمشية الكلب» لاحظ أحد العناصر انتفاخًا غريبًا تحت سروالها؛ فتولّت محقّقةٌ تفتيشها لتكتشف قرصًا صلبًا خارجيًّا أزرق حاولت تهريبه من موقع التفتيش. صودر القرص وأُدرِج ضمن 34 جهازًا إلكترونيًّا حُجزت في العملية، شملت هواتفَ وذواكرَ وحواسيب. «المعاملة كانت ممتازة؛ أرادوا فقط استنساخ هاتفي»، قال أبالوس لوسائل الإعلام عقب انتهاء التفتيش، في محاولةٍ لتهدئة عاصفةٍ تكبر كل ساعة.
يَسترجع الملفُّ الشخصي لأَنَيْس مسيرةً بدأت بمسابقات «القمصان المبلَّلة» في إيبيزا، مرورًا بظهورها في قائمة «فتاة الجيران» بمجلة FHM عام 2012، وصولًا إلى عملها في أفلام الكبار مع النجم الملقَّب El Niño Polla. واليوم تجدُ نفسَها جزءًا من أخطر قضية فساد تهزّ الحزب الاشتراكي الإسباني (PSOE) منذ سنوات.
تكشف القضية شبكةً مشتبهًا بها من السياسيين ورجال الأعمال متورّطةً في عمولات عقودٍ صحية وعمومية أُبرمت إبّان جائحة «كوفيد-19». تتصدَّر الأسماءُ الثقيلة ـــ أبالوس، سانتوس سيردان، ومستشارُه السابق كولدو غارسيا .
تسجيلات فاضحة: تصاعدَ الغضبُ الشعبي بعد تسريب مقطعٍ صوتي يُسمَع فيه أبالوس وغارسيا وهما «يتقاسمان» مرافِقاتٍ لعطلة نهاية أسبوع «خاصّة». يقول الوزير السابق عن إحدى السيدات: «كارلوتا se enrolla que te cagas».
توظيفٌ مشبوه: وثائق مصوَّرة تُظهر مساعيَ لمنح عقودٍ وهمية في شركاتٍ عامة لعارضات؛ إحداهن «جيسيكا ر.» اعترفت بتقاضي راتبٍ دون عملٍ فعلي في Ineco وTragsatec، إضافةً إلى شقةٍ فاخرة في مدريد دفع ثمنَها مقاولون مقربون من غارسيا.
امتيازاتٌ بالملايين: تشير تقارير La Vanguardia وEl Independiente إلى هدايا وإقاماتٍ فارهة موَّلتها جهاتٌ مرتبطة بصفقة إنقاذ شركة Air Europa بقيمة 475 مليون يورو، مقابل «خدمات» قدّمها أبلوس حين كان وزيرًا.
يشرف القاضي ليوبولدو بوينتي بالمحكمة العليا على التحقيق، وقد حُدِّد 9 يوليو موعدًا لمثول رئيس الوزراء بيدرو سانتشيث أمام البرلمان لشرح ما يُوصَف بـ«المثلث السام» (أبلوس ـ سيردان ـ غارسيا). في الأثناء يسعى كولدو غارسيا إلى وقف «تسريب أجندته» ملوّحًا بدعاوى «انتهاك السرّية» ضدّ الـUCO، بينما يهدّد أبلوس بـ«إفشاء مزيدٍ من رسائل واتساب» إذا استمر الضغط القضائي عليه.
ترجّح مصادرُ التحقيق أن يضمَّ القرصُ الصلب مراسلاتٍ بين أبلوس ومسؤولين سياسيين منذ 2016، قد تكشف سلسلة معاملاتٍ ووساطاتٍ مالية امتدّت من صفقات الأقنعة الطبية إلى إنقاذ شركات الطيران. أحد المحقّقين وصف المحتوى المحتمل بأنه «قادرٌ على إسقاط أكثر من اسمٍ كبير واحد».
سيناريوهات مقبِلة :
1. تحليل البيانات : بدأ خبراء الجرائم الرقمية في تفريغ محتويات الأجهزة الـ34؛ وأيُّ خيطٍ مالي أو محادثة توظيف قد يفتح قضيةً جديدةً في وجه شركاء آخرين.
2. استدعاءاتٌ متلاحقة : بعد حجز القرص، يُتوقَّع استدعاء أَنَيْس د. ج. شاهدةً مفتاحية حول محاولة إخفاء الأدلة.
3. هزّة داخل PSOE: مع استقالة سانتوس سيردان من البرلمان، تكبر التصدعات داخل الحزب، خصوصًا إذا أثبتت التسجيلات الصوتية مزاعم «الاستغلال الجنسي للنفوذ».
بين قرصٍ صلبٍ خفيّ وشبكة تسجيلاتٍ فاضحة، تتحوّل «قضية كولدو» من ملفّ فسادٍ مالي إلى مرآةٍ تعكس تداخلَ السلطة بالنفوذ الشخصي والجوانب الأخلاقية. وبينما يراهن بعضُ قادة الحزب الحاكم على احتواء الأزمة، تبدو الحقائقُ الرقمية أشدَّ صلابةً من أن تُطمَس، لتذكّر بمقولة المدعي الأمريكي الشهير: «اتبع المال … واتبع البيانات» .
— الوزير المتورط :












