ديون جماعية “نائمة” تُغرق ميزانيات الجماعات وتكشف اختلالات خطيرة في التدبير

كشفت تسريبات صادرة عن تقارير تفتيش أنجزتها لجان تابعة للمجالس الجهوية للحسابات بجهات الدار البيضاء-سطات، مراكش-آسفي، وفاس-مكناس، عن تفاقم مقلق في حجم الديون “النائمة” بالجماعات الترابية، حيث لم يتم تحصيلها أو اتخاذ أي إجراء لاستردادها منذ سنوات. وأشارت التقارير إلى أن هذه الديون، رغم أنها تشكل مورداً مالياً مهماً، لم تُستثمر لتجاوز الأزمات الخانقة التي تمر بها الجماعات، ما يكشف عن خلل كبير في التدبير المالي وتورط بعض الرؤساء والمسؤولين في ممارسات غير قانونية عند إدارة المديونية والمداخيل الجماعية.

ووفق مصادر مطلعة، فقد رصدت تقارير قضاة المجلس الأعلى للحسابات شبهات تلاعب وانتقائية في معالجة الملفات المرتبطة بديون المتأخرات، تضمنت محاباة سياسية وانتخابية واضحة، خاصة في ما يتعلق باستغلال ممتلكات جماعية. كما سجّل التقرير غياب آليات فعلية لتحصيل الديون، سواء عبر التسوية الودية أو اللجوء للمساطر القضائية، لاسيما ضد شركات كبرى تراكمت عليها مستحقات ضخمة، على غرار الرسم المفروض على الأراضي الحضرية غير المبنية. وأشار التقرير إلى أن بعض الجماعات بلغت مستويات مقلقة من العجز المالي، دون أن تدرج في جداول أعمالها أي حلول ناجعة لتحسين مردودية التحصيل أو التعاقد مع مفوضين قضائيين ومحامين.

وفي السياق ذاته، أماطت التقارير اللثام عن معطيات صادمة تخص جماعات ترابية، منها جماعة تابعة لإقليم برشيد بلغ فيها “الباقي استخلاصه” 57 مليار سنتيم، وسط مؤشرات تفيد بضعف هيكلة المصالح الجبائية وغياب الكفاءات البشرية، فضلاً عن انتشار الفساد والرشوة. وتحدثت التقارير عن منح إعفاءات جبائية مشبوهة وتلاعبات بالقانون 82.17 بشكل يتيح “تطهيراً” غير قانوني للديون من الذعائر والغرامات، وهو ما كبّد الجماعات خسائر جسيمة انعكست سلباً على ميزانياتها. ورغم التوجيهات الصارمة التي أصدرها وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت لتسريع التحصيل وفق قانون الجبايات المحيّن، لا تزال العديد من الجماعات متأخرة في إحالة ملفات المدينين على القباض، ما دفع مسؤولي الإدارة الترابية إلى توجيه إنذارات مباشرة لرؤساء الجماعات المتقاعسين عن تفعيل الإجراءات القسرية في حق المتخلّفين عن السداد.