في وقتٍ بدأت فيه مدن مغربية كبرى مثل الدار البيضاء، أكادير، طنجة، وفاس … تتنفس الصعداء بعد حملات صارمة ضد ظاهرة ما يُعرف بـ”أصحاب الجيليات الصفراء” أو “باردي الكتاف”، لا تزال مدينة الحسيمة ترزح تحت وطأة هذه الظاهرة المقلقة، التي أصبحت تشكل عبئًا ثقيلاً على سكان المدينة وزوارها، وتمسّ بشكل مباشر هيبة القانون وصورة المدينة.
يتصدر هؤلاء الأفراد الغرباء عن المدينة المشهد في مواقف السيارات، والأزقة، وحتى في محيط المرافق العامة، دون أي إطار قانوني واضح. شهادات متطابقة من سكان المدينة تفيد بأن غالبية هؤلاء من ذوي السوابق أو من الفئات المهمشة التي تستغل الفوضى وغياب المراقبة لفرض إتاوات غير قانونية، تصل أحيانًا إلى الاعتداء اللفظي والجسدي. ولا يقدم هؤلاء أي خدمة حقيقية مقابل المال الذي يفرضونه على المواطنين، بل يمارسون سلوكًا أشبه بالابتزاز اليومي.
رغم تصريح رئيس بلدية الحسيمة بأن مواقف السيارات مجانية، إلا أن الواقع يناقض ذلك، ويطرح تساؤلات جدية حول دور السلطات من استمرار هذه الظاهرة، ومن يقف وراء حمايتهم، خصوصًا في ظل غياب أي تدخل حقيقي من الجهات المسؤولة .
في المقابل، شهدت مدن أخرى تدخلًا حازمًا من طرف السلطات المحلية، من ولاة، عمال، وقياد، ما منح المواطنين شعورًا بالأمان وأعاد الثقة في قدرة الدولة على فرض النظام. هذا التفاعل الإيجابي جعل سكان الحسيمة يتطلعون لتدخل مماثل ينهي معاناتهم مع هذه المظاهر المشينة، لا سيما في ظل ما يعتبره البعض “فراغًا” في أداء المجالس المنتخبة التي لا تحرك ساكنًا.
لم يعد الوضع يحتمل المزيد من التساهل. القضية لم تعد ترتبط فقط بتنظيم مواقف السيارات، بل أصبحت تمسّ الأمن العام، وتشوه صورة المدينة في أعين زوارها وسياحها. آن الأوان لاتخاذ قرارات حازمة، ولإعادة النظر في سياسة كراء الملك العمومي، وتطهير الفضاءات من كل مظاهر العشوائية، حفاظًا على سلامة المواطنين، واحترامًا لمكانة الدولة ومؤسساتها.
29/06/2025