اتهم حزب “Somos Melilla” رئيس الحكومة المحلية في مليلية المحتلة، إمبرودا، بإخفاء المعطيات عن الرأي العام، محذرًا من “ارتهان مرضي وغير مبرر” للشركات الخاصة في تسيير البنية الرقمية للمدينة، ما جعل الإدارة رهينة مصالح تجارية مغلقة، على حساب أمن المواطنين وحقوقهم.
في تصريح شديد اللهجة، كسر النائب المغربي ورئيس الحزب، أمين أزماني، صمتًا امتد لأيام عقب الهجوم السيبراني واسع النطاق الذي أصاب المؤسسات الإدارية بالشلل التام. وبرر التأخير بـ”الإحساس بالمسؤولية في وقت الأزمة”، مؤكدًا أنه كان من الضروري إتاحة الوقت الفني للخبراء، لا التسرع في استغلال اللحظة سياسيًا. لكنه أضاف بحزم: “لقد بلغ السيل الزبى، فالصمت الحكومي تحول إلى تواطؤ بالصمت”.
وأوضح أزماني أن حكومة إمبرودا “أبقت المواطنين في عتمة كاملة، عاجزة عن تقديم معلومة واحدة دقيقة” بشأن حجم الكارثة، لولا أن القراصنة أنفسهم بدأوا في تسريب بيانات حساسة كشفت ما حاولت الحكومة التستر عليه، من بينها ما بين أربعة إلى خمسة تيرابايت من الوثائق، تتضمن بيانات رواتب، معلومات إدارية، ومعلومات شخصية لعشرات الآلاف من سكان المدينة.
وقال أزماني بلهجة لاذعة: “لولا القراصنة، لبقيت مليلية تعيش في جهل مقصود، لأن حكومتها اختارت الهروب بدل المواجهة”. وأشار إلى أن ما يحدث لا يُعد فقط تقصيرًا، بل “خيانة للثقة العامة وتستر على انهيار أمني وإداري مدوٍّ”.
وأشار إلى أن المدينة لا تزال “خارج نطاق الخدمة”، مع انهيار المواقع الرسمية، توقف المعاملات اليومية، شلل الشركات الخاصة، وتوقف صرف أجور أكثر من 1200 موظف عمومي. “لا حكومة، لا إدارة، لا راتب… فقط صمت رسمي ونشرات مجهولة المصدر تأتي من القراصنة!”.
لكن الأخطر، وفق أزماني، ليس فقط الهجوم، بل ما كشفه من واقع أكثر قتامة: حكومة سلمت البنية التحتية الرقمية بشكل شبه كلي إلى شركات خاصة دون رقابة أو تدقيق، مؤكدًا أن هذا النموذج الفوضوي قد فشل فشلًا ذريعًا.
وتساءل: “إذا كان مصيرنا التكنولوجي في يد القطاع الخاص، فمن يحاسب من؟ ومن يحمي من؟”، منتقدًا غياب أي توضيح من هذه الشركات التي “استلمت الملايين مقابل خدمات تبخرت عند أول صدمة”.
وطالب أزماني بالكشف الفوري عمّا إذا تم إشعار الوكالة الإسبانية لحماية البيانات، كما ينص القانون في حال وقوع خرق خلال مدة لا تتجاوز 72 ساعة، وهل تم إبلاغ كل مواطن تضررت بياناته؟ وحذر من أن الامتناع عن ذلك قد يرقى إلى انتهاك جماعي لحقوق المواطنين الرقمية.
وأعلن أن حزبه سيتحرك للحصول على جميع الملفات التي ستطلبها الوكالة لمراجعة الأضرار، مشددًا: “لن نسمح بإخفاء الحقيقة خلف ستار الشراكات والامتيازات الخاصة”.
وختم أزماني هجومه السياسي مؤكدًا: “أنتم تحكمون بالخوف: الخوف من المساءلة، من الاعتراف بالتقصير، ومن فضح التواطؤ مع شبكات الشركات المتغلغلة”. وطالب الحكومة بالخروج من صمتها، وتقديم إحاطات يومية شفافة للرأي العام، ووقف سياسة “الهروب من الصورة نحو جلسات التصوير”.
وأضاف بسخرية مُبطنة: “مليلية لا تحتاج إلى حكومة تتحدث فقط عندما يُهينها القراصنة، بل إلى إدارة تضع أمنها الرقمي فوق حسابات الربح والمحاباة. فالحرب اليوم ليست على الحدود فقط، بل في الخوادم، وفي ملفات المواطنين… وللأسف، العدو هذه المرة في الداخل”.
29/06/2025