kawalisrif@hotmail.com

“الخليفة” في الجنوب المغربي.. دراما تاريخية تُعيد فتح أسئلة الهوية والسيادة الثقافية

“الخليفة” في الجنوب المغربي.. دراما تاريخية تُعيد فتح أسئلة الهوية والسيادة الثقافية

أثار الإعلان عن شروع جهة إنتاج تركية في تصوير مشاهد من مسلسل تاريخي جديد يحمل عنوان “الخليفة” في عدد من المواقع التراثية بجنوب المغرب موجة من التفاعلات، نتيجة حساسية الموضوع الذي يتناول مؤسسة الخلافة الإسلامية من زاوية درامية تغلّف التاريخ بخطاب رمزي يتقاطع مع توجهات سياسية معاصرة. ويبدو أن المسلسل، من خلال استحضاره لذاكرة الإمبراطورية العثمانية، لا يكتفي بالجانب الفني بل ينسج تمثلات تاريخية يعاد استدعاؤها في سياق ثقافي إقليمي متشابك، ما دفع البعض إلى طرح تساؤلات حول دلالة تصوير عمل بهذه الحمولة الرمزية داخل فضاءات مغربية ذات بعد حضاري خاص.

وتتمحور أحداث المسلسل حول شخصية زعيم مسلم يسعى إلى إعادة بعث نموذج الخلافة في عالم تتآكله الأزمات القيمية والسياسية، في سردية تذكّر بمضامين أعمال سابقة مثل “قيامة أرطغرل” و”المؤسس عثمان”. هذا التوجه اعتبره مثقفون ومؤرخون مغاربة تقاطعًا مع سردية توسعية ناعمة تستثمر الفن لترويج تصورات سياسية معينة، ما يرون فيه نوعًا من التساهل مع موضوع يمس الهوية الدينية والسيادية، خاصة عندما يتم تجسيده داخل بيئة ثقافية مغايرة. بينما عبّر آخرون عن قلقهم من أن يتحول المغرب إلى مجرد خلفية تصوير لمضامين لا تراعي حساسياته التاريخية والثقافية.

في المقابل، يرى فاعلون في الحقلين الثقافي والسينمائي أن تصوير المسلسل التركي في المغرب لا يشكل تهديدًا للخصوصيات الوطنية، بل ينسجم مع الرؤية المغربية القائمة على الانفتاح المدروس على الصناعات الإبداعية العالمية. فالمملكة راكمت تجربة معتبرة في استضافة إنتاجات كبرى بمرجعية تاريخية ودينية، مثل “الرسالة” و”عمر” وثلاثية الأندلس، دون أن تفرّط في ثوابتها، بل عبرت بذلك عن وعي ثقافي ناضج يُدرك أن السيادة لا تعني الانغلاق، وإنما تُجسَّد في القدرة على احتضان الآخر من موقع الندية. ويعتبر هؤلاء أن اختزال الأعمال الفنية في بعدها الإيديولوجي يُغفل تنوّع التأويلات ويحدّ من قدرة الفضاء المغربي على التحوّل إلى منبر لتشكيل المعنى الثقافي العالمي.

03/07/2025

Related Posts