تقدم نحو 300 باحث أمريكي بطلبات إلى جامعة إيكس-مارسيليا الفرنسية ضمن برنامج “اللجوء العلمي”، هربا من ما وصفوه بـ”تدمير منهجي” للمنظومة الأكاديمية في الولايات المتحدة خلال الولاية الثانية للرئيس دونالد ترمب، بحسب تقرير نشرته صحيفة “الغارديان” البريطانية.
ويعد هذا البرنامج، الذي أطلق تحت اسم “مكان آمن للعلم”، واحدا من أولى المبادرات الأوروبية لاحتضان الباحثين الفارين من تضييق الحريات الأكاديمية في أمريكا، ويوفر تمويلا لمدة ثلاث سنوات لحوالي 20 باحثا. ووفق ما ذكرته “الغارديان”، فقد تلقت الجامعة أكثر من 500 استفسار من باحثين يعملون في مؤسسات مرموقة مثل ناسا، وجامعات كولومبيا وييل وستانفورد.
أحد هؤلاء الباحثين هو المؤرخ الأمريكي براين ساندبرغ، الذي تحدث إلى الصحيفة قائلا إن “النظام الأكاديمي الأمريكي يدمر الآن بشكل ممنهج”، مشيرا إلى مخاوفه من أن يتعرض للمضايقة لدى عودته إلى الولايات المتحدة بسبب تصريحات أدلى بها في الإعلام الفرنسي. وأضاف: “الحرية الأكاديمية في أمريكا أصبحت مهددة بشكل حقيقي”، في تصريحات نقلها التقرير.
في حديثه للصحيفة اعتبر رئيس جامعة إيكس-مارسيليا، إيريك بيرتون، أن ما يحدث يمثل “انعكاسا تاريخيا”، إذ قال: “قبل أكثر من 80 عاما، استقبلت أمريكا العلماء الفرنسيين الهاربين من الاحتلال النازي، واليوم نستقبل علماء أمريكيين يبحثون عن فضاء حر للبحث والفكر”. ووصف التقرير المبادرة بأنها استجابة لأزمة عميقة تضرب البحث العلمي في الولايات المتحدة.
وأشار تقرير “الغارديان” إلى أن تصاعد القيود على حرية البحث في عهد ترمب شمل تقليص التمويل، والتضييق على الطلبة الأجانب، بل وفرض رقابة لفظية على مقترحات التمويل البحثي، حيث منع استخدام كلمات مثل “تنوع”، “نساء”، و”مجتمع الميم”. وقالت الباحثة كارول لي للصحيفة: “أصبح هناك نوع من الرقابة المعلنة، هناك كلمات لا يمكننا استخدامها”.
كما نقلت “الغارديان” عن باحثة في الأنثروبولوجيا البيولوجية تدعى “ليزا” قولها إنها تخشى من التحدث علنا باسمها الكامل، خشية تعرضها أو أسرتها لعقوبات أو مضايقات عند العودة إلى الولايات المتحدة، خاصة بعد أن تزايدت حالات احتجاز الباحثين على الحدود، حتى أولئك الحاصلين على إقامات قانونية.
أما جيمس، الباحث في المناخ، والذي طرح اسمه ضمن المرشحين النهائيين للبرنامج، فقال في تصريحات نقلتها “الغارديان” إنه يشعر بالامتنان للفرصة، لكنه يعيش أيضا شعورا بالحزن، لأنه مضطر إلى مغادرة بلده. وأضاف: “كانت أمريكا دائما تعاني من تيارات مناهضة للفكر والعلم، لكنها الآن أصبحت تيارات قوية ومؤثرة”.
وأشار التقرير إلى أن حالة التوجس هذه دفعت بعض العلماء إلى مغادرة البلاد نهائيا نحو الصين أو كندا، حيث توفر هذه الدول دعما مفتوحا للأبحاث. وبالنسبة لليزا، فإن الرحيل إلى فرنسا يعني بداية جديدة لها ولأسرتها، رغم ما تحمله من تحديات، أبرزها انخفاض الراتب وصعوبة حصول زوجها على عمل.
وكالات :
14/07/2025