kawalisrif@hotmail.com

إسبانيا تُعيد تسمية «الكونغرس» من أجل عيون «اللغة الشاملة»… والجدل لا يغيب

إسبانيا تُعيد تسمية «الكونغرس» من أجل عيون «اللغة الشاملة»… والجدل لا يغيب

في خطوة جديدة تضاف إلى سلسلة من الإجراءات الرمزية التي صارت بصمةً واضحة للحكومة اليسارية الإسبانية، أقرّ البرلمان الإسباني مشروع تعديلٍ على نظامه الداخلي يقضي بتغيير اسمه الرسمي من «الكونغرس دي لوس ديبوتادوس» (مجلس النواب) إلى «الكونغرس» فقط، تحت ذريعة تبني «لغة أكثر شمولًا» لا تُقصي النساء ولا تحصر اللفظ في صيغة المذكّر.

وبحسب صحيفة إل موندو، فقد مرّ التعديل في مرحلته قبل الأخيرة داخل اللجنة المختصة بفضل دعم الحزب الاشتراكي الحاكم وتحالف «سومار» اليساري، في حين صوّت ضده كل من الحزب الشعبي اليميني وحزب ڤوكس اليميني المتطرف واتحاد الشعب النافاري، معتبرين أن «التعديل فارغ من أي جدوى عملية» ولا يتجاوز كونه «خطوة شكلية مربكة للغة وللنصوص القانونية».

التعديل الجديد، الذي يُنتظر أن يُقرّ بشكل نهائي في الجلسة الختامية للدورة التشريعية، يتضمن إزالة استعمال الجمع المذكر كصيغة عامة، وهو ما يعني إلزام البرلمان باستخدام ازدواج الألفاظ (النواب والنساء النواب)، أو اللجوء إلى بدائل «محايدة» في كل الوثائق والبيانات. خطوة يعتبرها البعض «تقدّمًا حضاريًا» بينما يراها خصومها مجرد «تلاعب لغوي» لا يغيّر شيئًا من واقع المشاركة السياسية الحقيقية للنساء.

وتشمل حزمة التعديلات أيضًا توسيع ظروف استعمال التصويت عن بُعد ليشمل حالات الوفاة أو الرعاية العائلية، إلى جانب إحداث «مجلس استشاري» يشرف على منح وتجديد اعتمادات الصحافيين داخل مبنى البرلمان، مع صلاحية سحبها أو تعليقها عند الإخلال بقواعد العمل الصحافي. خطوة أثارت بدورها نقاشات واسعة حول حرية الصحافة وحدود رقابة المؤسسات المنتخبة للإعلاميين.

يأتي هذا التعديل في سياق موجة متصاعدة في أوروبا الغربية لإعادة كتابة القوانين والدساتير بنُسخ «محايدة جندريًا»، بينما لم تُترجم هذه النزعة حتى الآن إلى زيادة فعلية في تمثيل النساء أو تحسين أوضاعهن في مراكز القرار. وفي المغرب، يُنظر إلى مثل هذه الخطوات بعين ناقدة، إذ يعتبرها كثيرون «ترفًا لغويًا» يغطي أحيانًا على نقاشات أعمق حول الأزمات الاقتصادية والبطالة وتحديات الهجرة والاندماج التي تواجهها الجارة الشمالية.

في الوقت الذي تجتهد فيه إسبانيا لتصحيح جنس الكلمات، يواصل المغرب من جهته إعادة تشكيل بنيته القانونية والاقتصادية لجذب الاستثمارات وتعزيز شراكاته في إفريقيا وأوروبا على السواء، بخطاب عملي أكثر من كونه لغويًا.

ولعل المثير للسخرية حقًا أن «اللغة الشاملة» التي يُراهن عليها بعض السياسيين في مدريد قد تعجز عن شمل الطبقات المهمشة أو الأقاليم المنسية التي تئن تحت وطأة الهجرة والبطالة… لكن لا بأس، فالأهم أن الكلمة صارت «شاملة»!

20/07/2025

Related Posts