في ظل حرارة الاستقبالات البروتوكولية وبرودة المواقف الدولية، حطّ رئيس زيمبابوي، إيمرسون منانغاغوا، رحاله بالجزائر، في زيارة وُصفت بمحاولة لإحياء تحالفات تقليدية داعمة للطرح الانفصالي في الصحراء المغربية. اللقاء بين الرئيسين جرى في أجواء تهيمن عليها رغبة مشتركة في إبراز دعم علني لجبهة البوليساريو، في وقت يشهد فيه هذا المشروع تراجعاً غير مسبوق في القارة الإفريقية، مع تنامي الدينامية المغربية وانحسار التأييد الدولي للأطروحات الانفصالية. الزيارة، بحسب مراقبين، جاءت لتعويض خسائر دبلوماسية متتالية، لا سيما بعد تقلّص عدد الدول المعترفة بالجمهورية المزعومة.
في هذا السياق، اعتبر الناشط السياسي الجزائري المعارض، شوقي بنزهرة، أن هذه الزيارة كانت “بدون مضمون حقيقي أو أجندة فعلية”، مشيراً إلى أن النظام الجزائري ركّز إعلامياً على نقطة وحيدة تتعلق بتطابق المواقف حول نزاع الصحراء. وأضاف أن النظام، بعدما أُغلقت في وجهه أبواب الحوار مع دول مؤثرة قارياً، بات يلجأ إلى شركاء منهكين اقتصادياً لشراء المواقف الدبلوماسية، مستشهداً بتصريحات الرئيس تبون حول الاعتراف بجمهورية تندوف، في تجاهل تام لموجة سحب الاعترافات الإفريقية بجبهة البوليساريو، وهو ما اعتبره محاولة لإيهام الداخل الجزائري بنجاحات وهمية للتغطية على إخفاقات السياسة الخارجية.
أما الباحث في العلاقات الدولية لحسن أقرطيط، فقد أشار إلى أن النظام الجزائري يعيش حالة من العجز الاستراتيجي المستمر، خصوصاً بعد سقوط دول محورية كانت حتى الأمس القريب سنداً للطرح الانفصالي. وأوضح أن الجزائر لطالما وظّفت هذا النزاع في الداخل لتبرير سياسة التضييق على الحريات، متكئة على فكرة “العدو الخارجي” كمبرر لإحكام السيطرة. غير أن التحركات المغربية، المدعومة من قوى دولية وازنة، قلبت موازين القوى، ما أدّى إلى ارتباك متزايد في المشهد الجزائري، وخلق عزلة خانقة قد تعمّق الشرخ الداخلي وتفتح الباب أمام ارتدادات سياسية غير متوقعة.
21/07/2025