kawalisrif@hotmail.com

خطاب عيد العرش الـ26.. “اليد الممدودة” للجزائر بين الحكمة والرهان السياسي

خطاب عيد العرش الـ26.. “اليد الممدودة” للجزائر بين الحكمة والرهان السياسي

في ذكرى عيد العرش السادسة والعشرين، احتوى خطاب الملك محمد السادس فقرة صغيرة من حيث الكلمات، لكنها عميقة الدلالات، إذ خصصها للجزائر، سواء على المستوى الشعبي أو الرسمي. ففي الجانب الشعبي، أكد الملك على أواصر الأخوة والصداقة التي تجمع الشعبين المغربي والجزائري، في رسالة واضحة تعكس رغبة المغرب في التمييز بين شعبي البلدين رغم التوتر السياسي. أما على المستوى الرسمي، فقد بادر إلى إعادة سياسة اليد الممدودة، في وقت يغلب عليه العداء والقطيعة بين النظامين، مع توتر شديد يكاد يهدد المنطقة بحرب محتملة في أي لحظة.

تأتي هذه المبادرة الملكية وسط واقع معقد، حيث يعتنق النظام الجزائري عقيدة عدائية متجذرة تجاه المغرب، وكأن فناء المغرب هو خلاص الجزائر، ما يجعل الصراع يتجاوز الحسابات الجيوسياسية إلى حالة نفسية متجذرة. ومع ذلك، يختار الملك التوجه نحو الحوار والمصالحة، رغم ما قد يراه البعض محاولة “استحالة إيقاظ الموتى”. الإشارة الملكية تكشف عن رسائل مركبة على ثلاثة مستويات: أولاً، التأكيد على أن الشعب الجزائري بعيد عن الصراع، وأن العداء مركّز في سياسات النظام فقط. ثانياً، الدعوة لإحياء الاتحاد المغاربي بوحدة المغرب والجزائر وبقية الدول، في وجه محاولات الجزائريين استبعاد المغرب. ثالثاً، التأكيد على حل توافقي لقضية الصحراء “لا غالب فيه ولا مغلوب”، كدعوة ضمنية للحوار مع الجزائر وقيادة البوليساريو رغم تفوق المغرب على الأرض.

في خلاصة المشهد، يمكن فهم خطاب العرش كـ”فرصة أخيرة” يقدمها الملك لخصوم الوحدة الترابية، محاولة لكسب الوقت وضمان استمرار التهدئة، مع الإقرار بفشل الخطابات العدائية التي لا تحقق سوى التوتر والانقسام. هو “حبل الود الملكي” الملتف حول محاذير التاريخ والجغرافيا والمصير المشترك، دعوة لحفظ ماء الوجه لجميع الأطراف، ومحاولة ذكية لجعل الجميع فاعلين في صياغة المستقبل، خاصة بعد اعترافات دولية متلاحقة بالسيادة المغربية على الصحراء، في مشهد جيوسياسي متغير قد يفرض تسويات حتمية في الأشهر المقبلة.

30/07/2025

Related Posts