في مشهد يتكرر كل صيف، لكنه لا يتوقف عن إدهاش المتابعين، سجلت موانئ الجزيرة الخضراء وطريفة بجنوب إسبانيا أرقامًا قياسية جديدة في إطار عملية “مرحبا 2025″، بعدما تجاوز عدد المسافرين حاجز المليون منذ انطلاق العملية منتصف يونيو، وهو رقم يفوق مجموع سكان مدينتي إشبيلية ومالقة!
كان يوم الأحد الماضي استثنائيًا بكل المقاييس، حيث عبر أزيد من 45 ألف مسافر وأكثر من 11 ألف مركبة في يوم واحد فقط، مسجلين بذلك واحدة من أقوى الذروات في تاريخ عبور الجالية المغربية خلال العطلة الصيفية.
ووفقًا لمعطيات الحماية المدنية الإسبانية، فقد عرف ميناء الجزيرة الخضراء، منذ انطلاق العملية، عبور أزيد من 818 ألف مسافر وأكثر من 220 ألف مركبة، مع تسجيل ارتفاع بنسبة 10% في عدد المسافرين و10.7% في عدد المركبات مقارنة بالعام الماضي، خصوصًا على الخط الرابط بين الجزيرة الخضراء وميناء طنجة المتوسط.
في المقابل، سجل خط الجزيرة الخضراء – سبتة تراجعًا طفيفًا بنحو 1.4% في عدد المسافرين و3.3% في العربات. أما ميناء طريفة، فقد شهد بدوره نشاطًا ملحوظًا على مستوى خطه الوحيد نحو طنجة المدينة، مسجلًا ارتفاعًا بنسبة 14% في المسافرين و12.5% في العربات.
ما لا يقل عن سبعة من كل عشرة أفراد من الجالية المغربية المقيمة بأوروبا اختاروا المرور عبر موانئ تديرها الهيئة المينائية لخليج الجزيرة الخضراء، ما يكرّس ريادتها كمعبر رئيسي بين الضفتين.
وقد أظهرت التنسيقات بين المصالح الإسبانية فعالية ميدانية في تدبير هذه الذروة، حيث صرّحت ممثلة الحكومة الإسبانية بقادس، السيدة بلانكا فلوريس، بأن “المرور من عطلة نهاية الأسبوع الأصعب تم بسلاسة، ودون الحاجة إلى تفعيل تدابير استثنائية”.
لم يُستخدم الفضاء المخصص لانتظار العربات “ليانو أماريو” بطاقته القصوى هذا العام، إذ تم استغلال نصفه فقط، ما يعكس مرونة التدبير وتقليص مدد الانتظار رغم ارتفاع الضغط، خصوصًا خلال يوم السبت، الذي شهد عبور أكثر من 40 ألف مسافر و10 آلاف مركبة.
أما مرحلة العودة، التي انطلقت في 15 يوليوز، فقد تجاوزت 230 ألف مسافر وأزيد من 61 ألف مركبة حتى الآن، في تراجع طفيف مقارنة بسنة 2024، ما يعكس توجهًا نحو توزيع الرحلات على مدى أطول تفاديًا للاكتظاظ.
ويظل الخط الرابط بين طنجة المتوسط والجزيرة الخضراء هو الأكثر استعمالًا بنسبة 42.5% من مجموع العابرين، متبوعًا بخط سبتة–الجزيرة الخضراء (21.3%)، ثم طنجة المدينة–طريفة (13.2%)، بينما تبقى الخطوط الأخرى مثل الناظور–موتريل وألميرية الأقل استخدامًا.
هذه الأرقام، وإن صدرت عن الطرف الإسباني، إلا أنها تعكس بجلاء أهمية المغرب الاستراتيجية في المعادلة المتوسطية، كجسر بشري وثقافي واقتصادي لا يمكن تجاوزه. فـ”عملية مرحبا” ليست مجرد عبور، بل مشهد إنساني سنوي يكرّس ارتباط ملايين المغاربة بجذورهم وبدفء الوطن، رغم طول الغياب.
وإذا كانت إسبانيا تفتخر بحسن التنظيم، فإن المغرب بدوره مطالب بقراءة هذه المعطيات كدعوة صريحة لتقوية بنياته الاستقبالية، والارتقاء بخدمات العبور نحو مستوى يليق بجالية تُعدّ سفيرة للوطن عبر العالم.
05/08/2025