kawalisrif@hotmail.com

سيرغي كيرينكو.. العقل الهادئ الذي يحرك مفاصل السلطة في الكرملين

سيرغي كيرينكو.. العقل الهادئ الذي يحرك مفاصل السلطة في الكرملين

على مدى أكثر من ثلاثة أعوام، برز اسم سيرغي كيرينكو، النائب الأول لرئيس ديوان الكرملين، كأحد أبرز العقول التنفيذية التي تعتمد عليها موسكو في إدارة الحرب على أوكرانيا. فرغم أن منصبه الرسمي يبدو تقنياً وإدارياً، تكشف الوقائع عن شبكة واسعة من الصلاحيات جعلته لاعباً محورياً في ترسيخ قبضة الرئيس فلاديمير بوتين على الداخل الروسي، وإحكام السيطرة على الأراضي الأوكرانية التي ضمتها روسيا، وإعادة تشكيل البنية السياسية والإعلامية والثقافية بما يخدم مشروع الكرملين. وتصفه دوائر القرار بأنه تكنوقراطي دقيق التفاصيل، بارع في تحويل أفكار القيادة إلى إجراءات عملية، ويمتاز بقدرة عالية على تنفيذ الأوامر بلا ضجيج.

بدأ كيرينكو مسيرته السياسية بصعود سريع في تسعينيات القرن الماضي، حيث تولى منصب رئيس الوزراء عام 1998 وهو في الخامسة والثلاثين من عمره، ليحمل لقب “مفاجأة كيندر” تشبيهاً بحلوى الأطفال الشهيرة. وبعد مغادرته المنصب إثر أزمة الديون، أسس حزباً إصلاحياً تبنى سياسات اقتصادية ليبرالية، قبل أن يغيّر مساره السياسي مع وصول بوتين إلى السلطة عام 2000. لاحقاً، تولى إدارة شركة “روس آتوم” للطاقة النووية، حيث رسخ نفوذ روسيا في هذا القطاع من خلال أساليب إدارية حديثة وصفقات استراتيجية. وفي عام 2016، عاد إلى الكرملين ليتولى الإشراف على الشؤون السياسية الداخلية، منظماً الانتخابات المحلية والبرلمانية والرئاسية، ومؤسساً برامج لاختيار جيل جديد من التكنوقراط لتولي مناصب إدارية حساسة، بينها مناصب في المناطق الأوكرانية التي ضمتها روسيا بعد 2022.

ومع اندلاع الحرب، ارتدى كيرينكو القميص الزيتوني وبدأ جولات ميدانية في دونيتسك ولوغانسك وخيرسون وزابوريجيا، مروجاً لرواية “تحرير” هذه المناطق، ومشرفاً على مناهج تعليمية جديدة ترسخ الخطاب القومي المؤيد للحرب. كما بسط نفوذه على المشهد الثقافي والإعلامي، داعماً الفنانين الموالين، ومقصياً الأصوات المعارضة، ومشدداً الرقابة على الإنترنت عبر السيطرة على منصة “VK” وتطوير تطبيق مراسلة محلي إلزامي على الأجهزة الجديدة. ولم يقتصر نفوذه على أوكرانيا، بل امتد إلى ملفات خارجية مثل أبخازيا ومولدوفا، في ظل تراجع أدوار مسؤولين آخرين. ويصفه المعارض إيليا ياشين بأنه “فعال وانتهازي بالكامل”، قادر على تبرير أي تحول في سياسات الدولة بما يتماشى مع اتجاه القيادة، ما يجعله واحداً من أكثر رجال بوتين ولاءً ومرونة في آن واحد.

12/08/2025

Related Posts