تزدهر في فرنسا أنشطة مشبوهة تستهدف المهاجرين الباحثين عن تسوية أوضاعهم، بين مراكز تدريب مدفوعة تقدم وعودا كاذبة بالتحضير لمقابلات اللجوء، وأشخاص يقدمون أنفسهم كخبراء قانونيين يبتزون الضحايا بأموال طائلة مقابل خدمات واهية. في قلب باريس، وتحديدا أمام “حافلة التضامن” التابعة لنقابة المحامين، يصطف العشرات من جنسيات مختلفة أملا في الحصول على استشارات مجانية تعوضهم عن تجارب مريرة مع محتالين سلبوا مدخراتهم مقابل وعود لم تتحقق. أحمد، عامل تونسي بسيط، دفع 700 يورو لرجل قدّم نفسه كخبير، ثم وجد نفسه يبتز مجددا تحت ذريعة طلب وثائق إضافية.
الظاهرة تتسع مع تعقيد الإجراءات الإدارية والانتقال إلى النظام الرقمي، ما جعل الكثير من المهاجرين هدفا سهلا لمكاتب وهمية ومحامين عديمي الخبرة أو عديمي الضمير. إعلانات تجارية منتشرة في المترو ووسائل التواصل الاجتماعي تعرض خدمات مدفوعة للحصول على مواعيد أو بطاقات مزعومة تتيح التنقل بحرية، بينما في الأصل هذه الخدمات مجانية عبر القنوات الرسمية. بعض الضحايا دفعوا آلاف اليوروهات لقاء وعود باللجوء أو تجديد الإقامة، لتتبين لاحقا أنها مجرد خدعة تستغل قلقهم وخوفهم من الترحيل.
وفي فضاءات رقمية كـ“واتساب” و“تيك توك”، ظهرت أساليب جديدة للإيقاع بالمهاجرين، عبر دورات تدريبية مدفوعة أو ما يسمى “أكاديمية اللجوء” التي تبيع أوهام النجاح بملفات مصطنعة وسير ذاتية مصقولة. غير أن هذه الوعود لا تنتهي إلا بزيادة معاناة المستهدفين، الذين يعيشون بين مطرقة الحاجة وسندان الاستغلال. كثير منهم، كما تؤكد منظمات حقوقية، يستسلمون للأمر وكأنه قدر محتوم، معتبرين أنهم يستحقون ما يحدث لهم، وهو ما يعكس هشاشتهم في مواجهة منظومة معقدة تفتح الباب واسعا أمام من يتاجرون بآلامهم.
18/08/2025