تتصاعد معاناة السكان في عدد من ضواحي المدن المغربية الكبرى بسبب الانقطاعات المتكررة للماء الصالح للشرب، بعدما ظلت هذه الإشكالات لسنوات طويلة مقتصرة على المناطق النائية. ويرجع الخبراء هذا الوضع إلى تداخل عوامل طبيعية ومناخية، في مقدمتها الجفاف وارتفاع درجات الحرارة، إضافة إلى اختلالات تدبيرية تعكس عدم مواكبة البنيات التحتية والتقنيات المعتمدة لحجم التحديات الراهنة.
في سوق الأربعاء بإقليم القنيطرة، عبّر مواطنون عن غضبهم من غياب الماء لعدة أيام متتالية وضعف الصبيب عند عودته، فيما عزت الشركة الجهوية متعددة الخدمات الأمر إلى عطب في القناة الرئيسية للتزويد، وهي قناة خارجة عن شبكتها. غير أن سكانا أكدوا أن التبريرات غير مقنعة، متسائلين عن استمرار تدفق المياه دون انقطاع على الأحياء الميسورة. المشهد نفسه يتكرر في أولاد بوثابت بإقليم سيدي سليمان حيث يعيش الأهالي منذ شهور انقطاعات متكررة، وهو ما زاد معاناتهم وسط حرارة الصيف. كما وجّهت ساكنة قرية اشماعلة السياحية بشفشاون نداءات استغاثة بسبب انقطاع شامل مس المناطق المرتفعة والمنخفضة على حد سواء.
ويرى خبراء بيئيون أن الأزمة ليست جديدة، بل امتداد لحالة الطوارئ المائية التي عرفتها المملكة منذ بداية الألفية، حيث تراجعت التساقطات المطرية بشكل غير منتظم، ونضبت المياه الجوفية بفعل الاستغلال المفرط والسقي غير المعقلن. كما ساهمت أعمال التخريب المتعمد لشبكات التوزيع وضعف الصيانة في تفاقم الوضع. وبحسب خبراء التنمية المستدامة، تتعدد أسباب الأزمة بين تبخر ملايين الأمتار المكعبة من السدود، والتحول نحو زراعات مستنزفة للمياه، وارتفاع الطلب الصناعي والفلاحي والديمغرافي، إضافة إلى غياب الحكامة الرشيدة في التدبير، رغم المجهودات المبذولة ضمن البرنامج الوطني لتقوية التزويد بالماء وتحلية مياه البحر ومعالجة العادمة.
19/08/2025