صيف متوسطي ساخن يزداد ضغطًا مع كل قارب قادم من الضفة الجنوبية، حيث أعلنت السلطات الإسبانية بجزر الباليار، الأحد، عن اعتراض ثلاثين مهاجرًا غير نظامي بعد وصول زورقين تقليديين إلى سواحل جزيرة فورمينتيرا، لترتفع بذلك الحصيلة الإجمالية منذ مطلع السنة إلى أكثر من 4880 مهاجرًا.
وأوضحت المصادر الرسمية أن مصالح الحرس المدني والشرطة المحلية أوقفت ثمانية عشر شخصًا من أصول جزائرية في منطقة “إيس بوجولس” زوالًا، فيما جرى إنقاذ اثني عشر آخرين في عرض البحر صباح اليوم نفسه على بعد نصف ميل بحري من “س’إستوفادور”. هذه الأرقام تضيف حلقة جديدة إلى مسلسل متواصل من محاولات العبور، حيث سجّل شهر غشت وحده إنقاذ أو اعتراض ما يقارب 1389 مهاجرًا، ما يجعل من الأرخبيل الإسباني واجهة متقدمة لأزمة الهجرة غير النظامية القادمة أساسًا من السواحل الجزائرية، مع حضور لافت أيضًا لمهاجرين من دول إفريقيا جنوب الصحراء.
ومع هذه المحاولات الجديدة، يرتفع مجموع القوارب التي حطت على شواطئ الباليار منذ بداية السنة إلى 260 قاربًا تقليديًا، في مؤشر على تصاعد الضغط البحري وتحوّل المنطقة إلى بؤرة عبور رئيسية نحو التراب الأوروبي. الإجراءات المتخذة من طرف السلطات الإسبانية تكاد تصبح روتينية: فحص صحي أولي، نقل إلى ميناء “لا سافينا”، ثم تحويل إلى “إيبيزا” لاستكمال المساطر القانونية، في انتظار قرارات تحدد مصير المهاجرين الموقوفين.
المشهد يعكس أزمة متوسطية مفتوحة تتجاوز بعدها المحلي لتتحول إلى قضية أوروبية شائكة، حيث تقف مدريد بين مطرقة الالتزامات الإنسانية وسندان الهواجس الأمنية، بينما تجد جزر الباليار نفسها في وضع شبيه بجزر الكناري التي عانت سنوات طويلة من ضغط القوارب القادمة من الجنوب. إنها محاولات متكررة لعبور البحر نحو “الحلم الأوروبي”، تجعل من المتوسط فضاءً مشتركًا للهشاشة، ومن قواربه صورة درامية لمعاناة بشرية تبحث عن مرفأ أمان في زمن تتقاطع فيه الجغرافيا بالمأساة.
وفيما يظل المتوسط يغرق بمآسي البشر الباحثين عن أفق جديد، يواصل الجار الشرقي إغراق نفسه في فُقاعات الوهم، ينفق عائدات البترول والغاز على مطاردة السراب وصناعة “جمهورية الخيام” من بقايا الصابون، بدل أن يمد يده لشبابه التائه بين الأمواج. مفارقة صارخة تختزل حقيقة نظام يبدّد الثروة ويصدّر البؤس، بينما لا تحصد المنطقة سوى المزيد من النزيف الإنساني والعبث السياسي.
01/09/2025