في مشهد رياضي تحوّل إلى محطة سياسية بامتياز، فجّر وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس الجدل بإعلانه دعمه العلني لاستبعاد فريق “إسرائيل بريميير تيك” من سباق طواف إسبانيا للدراجات. خطوة اعتُبرت بمثابة صفعة دبلوماسية لتل أبيب ورسالة واضحة لا لبس فيها: “لا يمكن لأوروبا وإسرائيل أن تربطا علاقات طبيعية إلا على أساس احترام حقوق الإنسان.”
هذا الموقف جاء في أعقاب احتجاج صاخب بمدينة بلباو، الأربعاء الماضي، حين اخترق مئات النشطاء الحواجز الأمنية رافعين الأعلام الفلسطينية ومنددين بالعدوان على غزة. الفوضى التي عمّت السباق دفعت المنظمين إلى إلغاء المرحلة دون إعلان فائز، في مشهد كشف بما لا يدع مجالًا للشك أنّ الرياضة لم تعد مجرد لعبة، بل منصة لفضح الاحتلال أمام العالم.
المنظمون، وعلى الرغم من محاولاتهم التشبث بحياد المنافسة، أكدوا أنّ سلامة الرياضيين خط أحمر، بينما دعا كيكو غارسيا، المدير الفني للسباق، الفريق الإسرائيلي إلى الانسحاب لتفادي مزيد من الانزلاقات الأمنية. لكن “إسرائيل بريميير تيك” تمسّك بالبقاء، متذرعًا بأن أي انسحاب سيكون “سابقة خطيرة” في تاريخ الرياضة العالمية.
الحكومة الإسبانية نفسها أقرت بغياب الصلاحيات القانونية لفرض الاستبعاد، غير أن تصريح وزير خارجيتها أطلق شرارة سياسية جديدة تنضاف إلى تصاعد الضغط الأوروبي على إسرائيل، في وقت تتعالى فيه أصوات الشعوب المطالبة بمقاطعة كل ما يساهم في تلميع صورة الاحتلال أو تبييض جرائمه.
وهكذا، تحوّل طواف “ويلتا” من مضمار دراجات إلى مسرح مواجهة دولية، حيث تتقاطع السياسة بالرياضة، وتتصادم الشعارات مع الحقائق. وما بدا سباقًا نحو خط النهاية، انقلب إلى سباق مع الزمن: زمنٌ يضغط على إسرائيل وهي محاصَرة بلافتات فلسطين في الشوارع، وبقرارات أوروبية تضيق الخناق، وبقناعة عالمية تتشكل يومًا بعد آخر أن الاحتلال، مهما حاول الركوب على دراجة الدعاية، فإن عجلاته ستنزلق في أول منعطف أمام الحقيقة.
06/09/2025