في خطوة استراتيجية تؤكد التزام المغرب بإدارة موارده البحرية وفق مقاربة علمية ومستدامة، احتضن المركز الجهوي للمعهد الوطني للبحث في الصيد البحري بمدينة طنجة اجتماعاً رسمياً لتقديم نتائج تقييم مخطط تهيئة وتدبير مصيدة سمك “الزريقة الوردية”، المعروف محلياً في شمال المغرب والريف باسم باسوخو (Pagellus bogaraveo)، في مياه البحر الأبيض المتوسط. وحرصت كتابة الدولة على دعوة كافة الهيئات المهنية والمؤسساتية للمشاركة، في إشارة واضحة إلى أهمية التنسيق المشترك بين جميع الأطراف الفاعلة في القطاع.
ويأتي هذا الاجتماع في إطار برنامج التقييم الدوري الذي تنجزه الهيئة العامة لمصايد البحر الأبيض المتوسط، والذي يهدف إلى الوقوف على مدى نجاعة الاستراتيجية الوطنية في تدبير هذه المصيدة الحساسة. ويأتي ذلك في سياق حماية التوازن البيئي للمنظومة البحرية وضمان استدامة المخزون السمكي. وأشادت غرفة الصيد المتوسطية بهذه المبادرة، مؤكدة أن تعزيز الحكامة الرشيدة والتخطيط العلمي المشترك يمثلان ضمانة لاستمرارية التنمية المهنية في قطاع الصيد البحري وحماية مصالح الصيادين التقليديين.
وفق الجريدة الرسمية رقم 7300، ينص قرار الوزير الوصي رقم 542.24 على تفاصيل مخطط تهيئة وتدبير مصيدة الزريقة الوردية، داخل وحدة التهيئة الممتدة بين خطي طول 33°55’05’’ غرباً و42°12’02’’ غرباً. ويقتصر نشاط الصيد على السفن المصرح لها في سجل الهيئة العامة لمصايد البحر الأبيض المتوسط، حيث يُحدد العدد الإجمالي للأساطيل المسموح لها بصيد هذا النوع الحساس: 75 سفينة صيد بالخيط و250 قاربا للصيد التقليدي.
ويضع القرار قيوداً دقيقة على أساليب الصيد لضمان استدامة المخزون السمكي، حيث يُسمح فقط باستخدام حبال الصنار العائمة على السطح والخيط، مع تحديد حجم الصنارة بحد أدنى 3.5 سنتيمتر وطول أقصى 1.65 سنتيمتر، و70 صنارة لكل حبل، و30 حبل يومياً، وبحد أقصى 2600 صنارة لكل سفينة. كما يمنع القرار الصيد ضمن ميل بحري واحد من خطوط الأساس، وبين 15 يناير و15 مارس من كل سنة، مع السماح للمعهد الوطني للبحث في الصيد البحري بأخذ عينات علمية ضمن برامجه البحثية.
أما الحاصل الإجمالي المسموح به من المصطادات (TAC)، فيتم تحديده سنوياً وفق توصية الهيئة العامة لمصايد أسماك البحر الأبيض المتوسط رقم CGPM/45/2022/3، ويتم توزيعه على الموانئ ونقاط التفريغ المهيأة التابعة للمندوبيات والمندوبيات الفرعية في البحر الأبيض المتوسط، مع إمكانية تخصيص حصص حسب فئات السفن العاملة. ويُظهر الموسم الماضي كيفية توزيع 130,2 طن من مصطادات الزريقة الوردية، بما في ذلك تخصيص 5 طن لكل من ميناءي الناظور والحسيمة، و10 أطنان لمينائي الجبهة والمضيق، و110,2 طن لميناء طنجة ونقاط التفريغ التابعة له.
يمثل هذا المخطط الوطني، من منظور مغربي، نموذجاً للحوكمة البيئية المستدامة، يجمع بين حماية الثروة السمكية وضمان استمرارية العمل المهني للصيادين، مع تعزيز التوازن بين القطاع التقليدي والصناعي. كما يعكس قدرة المغرب على التوفيق بين التنمية الاقتصادية وحماية الموارد البحرية الحيوية، مما يعزز مكانته كدولة رائدة في إدارة مصايد البحر الأبيض المتوسط وفق معايير علمية واستدامة طويلة المدى.
12/09/2025