لم يعد الأمر مجرد شائعات تتداولها الألسن في المقاهي أو بين بعض المهربين الصغار على الحدود، بل أصبح حقيقة صادمة تتكشف تفاصيلها يوماً بعد يوم، حيث نجحت عصابات جزائرية مشبوهة، عبر تزوير وثائق رسمية صادرة عن بلديات جزائرية، في التسلل إلى المغرب والحصول على الجنسية المغربية بطرق ملتوية، مستغلة ثغرات قانونية وتواطؤاً خطيراً من أطراف داخلية. وتفيد معطيات دقيقة أن هذه العصابات اعتمدت على عقود ازدياد قديمة مدون فيها أسماء مغاربة كانوا يعيشون في الجزائر قبل منتصف السبعينات، ليتم استغلالها في وثائق مزورة تُظهر أن أفراد هذه العصابات منحدرون من أسر مغربية الأصل، وهو ما سمح لهم، بمساعدة وسطاء ومنتخبين ومسؤولين محليين في عمالة وجدة أنجاد وأقاليم بركان وجرادة وتاوريرت، بالحصول على الجنسية المغربية أو الإقامة ، دون حسيب أو رقيب.
وسط هذه الشبكة المظلمة يبرز اسم بارون جزائري خطير يدعى رضوان الملقب بـ”الصفرة”، ( الذي ينشط بين السعيدية والدار البيضاء، ثم وجدة التي تزوج منها “سكينة” إبنة بوبكر الرقاص ) ، الذي لم يكتفِ بالاحتيال للحصول على الجنسية المغربية، بل حولها إلى غطاء رسمي يحميه من الملاحقة القضائية المشكوك في صحتها في بلده ، حيث تشير مصادر إلى أنه مدان بالمؤبد، بينما تذهب أخرى إلى احتمال خدمته أجندات استخباراتية جزائرية في المغرب.
“الصفرة” هذا ، عاث فساداً بعدما اعتمد على شبكات مسلحة في منطقة الساحل لاستيراد كميات ضخمة من الكوكايين والهيروين قبل تمريرها إلى المغرب وتوزيعها على بارونات محليين عبر شبكة واسعة من الوسطاء، حيث إن أغلب المتعاملين معه لا يعرفون شخصياً “رأس الحربة”، بل يكتفون بالتعامل مع حلقات وسيطة تحجب هويته، في أسلوب لا يختلف كثيراً عن تنظيمات المافيا العالمية.
ولم يتوقف نشاطه عند المخدرات الصلبة، بل توسع ليشمل تهريب شحنات هائلة من الأقراص المهلوسة “القرقوبي” عبر الجزائر نحو المغرب، وهو ما جعله المسؤول الأول عن انتشار ظاهرة “التقرقيب” التي دمرت مستقبل آلاف الشباب المغاربة وحولت أحياء بأكملها إلى بؤر للعنف والانحراف. الأخطر أن جريدة “كواليس الريف” حصلت على وثائق رسمية تكشف الهوية الحقيقية لهذا البارون، والتي لا تمت بصلة للوثائق الجزائرية المزورة التي استعملها للحصول على الجنسية المغربية، ما يفتح الباب أمام تساؤلات خطيرة حول كيفية تسلل هذه الشبكة عبر مؤسسات رسمية مغربية، ومن يقف وراء التغطية على ملف بالغ الحساسية، ولماذا يظل “الصفرة” طليقاً يعبث بمستقبل شباب المغرب.
القضية لم تعد مجرد ملف فساد إداري أو تزوير وثائق مدنية، بل تحولت إلى تهديد مباشر للأمن للوسط الاجتماعي المغربي، حيث تختلط فيها خيوط المخدرات الصلبة والقرقوبي والتزوير والتواطؤ مع شبهات تورط أجهزة أجنبية، وهو ما يجعل الحاجة ملحة لتحقيق شفاف وعاجل لمحاصرة “الصفرة” وشبكته قبل أن يتحول الأمر إلى سرطان يصعب استئصاله من جسد المغرب.
12/09/2025