kawalisrif@hotmail.com

إسبانيا :      المغرب بطل اللقاء الثالث والعشرين لقادة مصايد المضربة “التونة الحمراء” في إيسلا كريستينا

إسبانيا : المغرب بطل اللقاء الثالث والعشرين لقادة مصايد المضربة “التونة الحمراء” في إيسلا كريستينا

مرة أخرى، يثبت المغرب أنه رقم صعب في معادلة الصيد البحري بالمتوسط والأطلسي، وأن تقاليده البحرية ليست مجرد ذاكرة محفوظة، بل رافعة اقتصادية وثقافية متجددة. فقد تحولت “المضربات” المغربية إلى العنوان الأبرز في اللقاء الثالث والعشرين لقادة مصايد المضربة، الذي احتضنته مدينة إيسلا كريستينا ( ويلفا ) بإسبانيا ، نهاية الأسبوع، وهو منتدى دولي يحتفي بإحدى أقدم تقنيات الصيد وأكثرها استدامة في حوض المتوسط والمحيط الأطلسي.

خُصصت أشغال هذه الدورة للمغرب، البلد الذي حافظ على تقليد المضربة منذ أواخر القرن التاسع عشر، والذي يتوفر اليوم على 18 مضربة نشطة: 17 على الساحل الأطلسي وواحدة على البحر الأبيض المتوسط. ومن أبرز هذه المضربات ، رأس سبارتل، بريح، تهدارت، القنيطرة والمنصورية، حيث تتركز معظم أنشطة صيد التونة الوطنية، وفق ما أورده مصدر محلي من إيسلا كريستينا.

وبإجمالي حصص مسموح بها (TAC) تصل إلى 3700 طن من التونة الحمراء (Thunnus thynnus)، تمثل المضربات المغربية نحو 9% من مجموع المصيد في شرق الأطلسي والمتوسط، ما يرسّخ موقع المغرب كأحد الفاعلين الكبار عالميًا في مصايد التونة. هذه السمكة وحدها تمثل حوالي 90% من المصيد الوطني، وتُعد الأغلى قيمة سواء من الناحية الاقتصادية أو الثقافية.

ذكّر المنظمون بأن تاريخ المضربة في المغرب يعود إلى سنة 1885، حين جرى التخطيط لإقامتها بين العرائش وأصيلة. ثم سنة 1910، رُخّص رسميًا لرجال أعمال إسبان بإقامة مضربات على السواحل المغربية، وهو ما فتح الباب أمام تعاون مثمر بين القادة الأندلسيين والربابنة المغاربة. تعاونٌ ظل ممتدًا عبر الأجيال، وصار جزءًا من ذاكرة مشتركة تحمل أسماء عريقة مثل بوعناني، فوندال، والعربي التاقي.

الحدث، الذي تخللته أنشطة تقنية، تذوقية وثقافية ضمن فعاليات “أسبوع التونة”، كان مناسبة لتجديد الروابط التاريخية بين المغرب وإسبانيا. وقال رئيس بلدية إيسلا كريستينا بالنيابة، فرانسيسكو زاموديو:
“هذا العام أردنا تكريم المغرب، البلد الذي نتقاسم معه ليس البحر فقط، بل الثقافة وتاريخ المضربة أيضًا.”

اليوم، وبعد أكثر من قرن على تلك التجارب الأولى، يواصل المغرب تحديث قطاعه البحري برؤية مستدامة، جاعلًا من المضربة رمزًا للهوية الوطنية ومحركًا اقتصاديًا لمجتمعاته الساحلية. كما أن المشاركة المغربية في هذا المنتدى الدولي تجدد التأكيد على أهمية التعاون الثنائي مع إسبانيا في صون تراث بحري وثقافي مشترك.

مصايد المضربة هي شبكات بحرية ضخمة تُمد في قاع البحر، تُستخدم لمحاصرة أسراب التونة المهاجرة بالقوارب، ثم تُرفع عبر فتحات مائلة يصعب على السمك الإفلات منها. وهي تقنية تقليدية تعود لقرون، تُمارَس أساسًا خلال موسم هجرة التونة عبر مضيق جبل طارق، لتجعل من البحر مصدرًا للحياة والثقافة ورافعةً للصمود.

16/09/2025

Related Posts