kawalisrif@hotmail.com

الحسيمة … ذاكرة الهجرة تتجسد في معرض “بلجيكا بلادي”

الحسيمة … ذاكرة الهجرة تتجسد في معرض “بلجيكا بلادي”

تستقبل مدينة الحسيمة، المعروفة بعمق ارتباطها بظاهرة الهجرة، حدثًا ثقافيًا استثنائيًا يلامس تاريخها ووجدان أبنائها. فبعد محطتين ناجحتين في الناظور والسعيدية، حط معرض “بلجيكا بلادي: تاريخ بلجيكي-مغربي” رحاله في ساحة محمد السادس، ليضيء جوانب من قصة الهجرة المغربية إلى بلجيكا، وهي قصة لا تخلو من تفاصيل مؤثرة ومثيرة للإلهام.

يأتي هذا المعرض، الذي ينظمه مجلس الجالية المغربية بالخارج، في توقيت رمزي للغاية، فهو يواكب احتفالات الذكرى الستين لتوقيع اتفاقية اليد العاملة بين البلدين عام 1964. على مدى 37 لوحة فنية وتاريخية، يروي المعرض حكاية الأجيال الأولى التي غادرت وطنها بحثًا عن آفاق جديدة، حاملة معها أحلامًا وآمالًا، وصولًا إلى الأجيال الحالية التي أسهمت بشكل فاعل في بناء المجتمع البلجيكي.

لكن المعرض ليس مجرد سرد تاريخي جاف، بل هو تكريم لمسارات فردية وجماعية. إنه احتفاء بكل مهاجر ومهاجرة ترك بصمته في مختلف المجالات: في الأدب، والمسرح، والسينما، وريادة الأعمال، وحتى في العمل الجمعوي والسياسي. هذه الإسهامات المتنوعة تؤكد أن الهجرة ليست مجرد تنقل جغرافي، بل هي عملية تفاعل ثقافي وإنساني تثري المجتمعات المضيفة وتزيدها تنوعًا وحيوية.

يتكامل هذا المعرض مع برنامج ثقافي غني تنظمه جمعية ميرامار للثقافة والتنمية المستدامة. تحت شعار “عندما تصبح الثقافة ذاكرة للجاليات”، ستشهد الحسيمة أيامًا ثقافية حافلة بالنقاشات الهادفة، تجمع نخبة من المفكرين، والباحثين، والصحفيين، والنشطاء من المغرب وبلجيكا.

ستركز الندوات الثلاث المقررة على قضايا حيوية تلامس صميم هوية المنطقة وعلاقتها بالهجرة. من خلال مواضيع مثل “الريف والهجرة” و”الأدب النسائي: العيش في العالم” و”الكتاب عن الريف”، ستتاح الفرصة للجمهور للتفكير في مفاهيم مثل التراث، والانتماء، والهوية، ووضع المرأة، وأهمية التراث الأمازيغي.

ولأن الذاكرة ليست حكرًا على المعارض والندوات، يمتد البرنامج ليشمل زيارة إرشادية إلى ضريح سيدي شعيب أونفتاح في تمسمان. هذا المكان، الذي يعد رمزًا للذاكرة الجماعية للريف، يربط الحاضر بالماضي من خلال تقاليده الشفوية، وموسيقاه، وطقوسه، ويؤكد أن الهوية الثقافية متجذرة في أرضها وتاريخها.

إن إقامة هذا الحدث في الحسيمة يؤكد مكانتها كبوابة رئيسية للهجرة وكنقطة التقاء بين الثقافات. إنه فرصة لأبناء المدينة للاحتفاء بتاريخهم، وتأكيد مساهمتهم في بناء مجتمعات متعددة الثقافات، وتعزيز أواصرهم مع بلدان الإقامة.

20/09/2025

Related Posts