تتجلى على الساحة المغربية موجة احتجاجية متنامية، يقودها جيل جديد من الشباب الرقمي، يركز على المطالب الاجتماعية المتعلقة بالصحة والتعليم والشغل، مبتعداً عن الانخراط في الأحزاب التقليدية أو الأيديولوجيات السياسية. وقد لوحظ خلال زيارات وزير الصحة للمستشفيات العمومية استقبال المحتجين له مباشرة، مما يعكس تراكمات سنوات من الإهمال في القطاع الصحي وتزايد السخط الشعبي، في وقت تعاني فيه الدولة من صعوبة التواصل الفعّال مع هذه الأجيال الرقمية التي توظف منصات شبكية جديدة للتنظيم والحشد.
تظهر هذه الاحتجاجات، التي دُعيت إليها مجموعات رقمية مستوحاة من موجات احتجاج عالمية مثل ما شهدته نيبال، قدرة الشباب على التعبئة السريعة دون الحاجة إلى وسطاء تقليديين مثل الأحزاب أو النقابات. ويبرز في هذا السياق اختلافهم عن جيل 20 فبراير، إذ يركزون على مطالب اجتماعية ملموسة، وينأون عن المسائل السياسية أو الديمقراطية الكلاسيكية، مع ميل للحفاظ على القيم الدينية والثقافية، ورفض المطالب الفردية أو حقوقية، مما يعكس مزيجاً معقداً من الوعي الاجتماعي المحدود والرفض السياسي المباشر.
وفي ظل غياب وسيط قادر على احتواء هذه الموجة، ومع ضعف الأحزاب في التأطير السياسي للشباب، تطرح هذه الحركة أسئلة ملحة حول قدرة الدولة على الاستجابة لمطالبها بشكل سريع وفعّال، وضبط سقف الاحتجاجات لتفادي أي تصعيد محتمل. وتشير التفاعلات الرقمية إلى أن هذه الموجة قد تتوسع وتتعقد إذا لم يتم التعامل معها بحس اجتماعي واستراتيجي، ما يجعل من الحوار المباشر بين المسؤولين والمواطنين أمراً لا مفر منه لضمان الاستقرار الاجتماعي وتحقيق تحسين ملموس في الخدمات الأساسية.
27/09/2025











