فرانكفورت : كواليس الريف
شهدت مدينة فرانكفورت الألمانية يومي الجمعة والسبت اختتام فعاليات “المنتدى الاستراتيجي الأول لشبكة الكفاءات المغربية-الألمانية”، والذي شكّل خطوة تأسيسية نحو إطلاق جيل جديد من برامج التعاون اللامركزي بين المغرب وألمانيا. وتمحور المنتدى حول مشروع شراكة استراتيجية مع مجلس جهة طنجة-تطوان-الحسيمة، يهدف إلى تعبئة الخبرات المغربية البارزة في ألمانيا للإسهام في التنمية السوسيو-اقتصادية للجهة، خاصة في القطاعات الحيوية التي تشهدها المنطقة الشمالية للمملكة.
أوضحت السيدة رفيعة المنصوري، نائبة رئيسة جهة طنجة-تطوان-الحسيمة المكلفة بالتعاون الدولي، أن هذه المبادرة، التي ستُعرض على تصويت أعضاء الجهة خلال دورة أكتوبر المقبل، هي “ثمرة أشهر من العمل المشترك” بين المجلس الجهوي والشبكة وشركاء مؤسساتيين.
وأكدت المنصوري أن المشروع يمثل خطوة استراتيجية لتعبئة كفاءات الجالية المغربية المقيمة في ألمانيا، والتي ينحدر أغلبها من الجهة الشمالية، وتعزيز انخراطها في التنمية الترابية، انسجاماً مع متطلبات الجهوية المتقدمة. وتمتد محاور التعاون من تنظيم المعارض والملتقيات إلى الابتكار والبحث العلمي والتبادل الأكاديمي، مع إيلاء أهمية قصوى لنقل الخبرة المتخصصة في المجالات الاستراتيجية مثل صناعة السيارات والطاقات المتجددة، بالإضافة إلى تدبير وتحلية المياه.
إلى جانب نقل الخبرات، يتضمن مشروع الشراكة شقاً مهماً مخصصاً لتشجيع الاستثمار في جهة طنجة-تطوان-الحسيمة وباقي جهات المملكة، سواء من طرف مغاربة ألمانيا أو المستثمرين الألمان مباشرة. وفي هذا السياق، أبرزت المنصوري توفر الجهة على صندوق الاستثمار “نور ديف” الذي يقدم المواكبة اللازمة لأفراد الجالية الراغبين في توجيه رؤوس أموالهم نحو المنطقة.
وفي نظرة مستقبلية، اقترحت نائبة رئيسة الجهة تعميم هذه التجربة النموذجية المبرمة مع شبكة الكفاءات المغربية-الألمانية على جهات أخرى من المملكة، مما يشير إلى سعي الجهة لترسيخ نموذج جديد ومستدام لتفعيل دور مغاربة العالم.
من جانبه، أكد السيد محمد أصيلة، الكاتب العام لشبكة الكفاءات المغربية-الألمانية، أن المنتدى شكّل “محطة بارزة” تخللها حوار جاد وبنّاء مع مسؤولين مغاربة بارزين. وأشار أصيلة إلى أن اختيار الشبكة جاء بفضل تنوع وجودة الخبرات التي تضمها، حيث تضم نحو 500 عضو من أساتذة جامعيين ورجال أعمال وأطباء ومهندسين ينشطون في قطاعات حيوية.
وكشف الكاتب العام للشبكة عن مناقشة مشاريع ملموسة تقودها أكثر من 15 مجموعة عمل، من بينها إرساء شراكات أكاديمية في مجال البحث العلمي بين جامعات ألمانية وجامعة عبد المالك السعدي. وشدد أصيلة على أهمية توجيه المستثمرين المغاربة المقيمين بألمانيا لمشاريعهم نحو المغرب، مستغلين الوعاء العقاري الملائم في جهة الشمال لمشاريع كبرى، خاصة في قطاع الطاقات المتجددة، الذي يتميز فيه أعضاء الشبكة بخبرة عالية.
يُعقد المنتدى الاستراتيجي لشبكة الكفاءات المغربية-الألمانية، الذي يضم خبراء ألمان مهتمين بالاستثمار في المغرب، بالتزامن مع تزايد الشراكات الثنائية بين جهة طنجة-تطوان-الحسيمة والمؤسسات الألمانية. ويأتي هذا اللقاء ليعزز نهج الجهة في استقطاب الخبرات والاستثمارات الألمانية.
ويُرتقب أن يُنظم هذا المنتدى سنوياً بالتناوب بين المغرب وألمانيا، ما يؤسس لآلية مستدامة وممنهجة لتفعيل دور مغاربة العالم في الدينامية المتواصلة للتحديث والتنمية التي تشهدها المملكة. وقد تميز الحدث بمشاركة وازنة من ممثلي قطاع المغاربة المقيمين بالخارج بوزارة الشؤون الخارجية، والوكالة المغربية لتنمية الاستثمارات والصادرات، مما يبرز الدعم المؤسساتي لهذه الشراكة الواعدة.