في خضم موجة الاحتجاجات التي تعرفها مدن مغربية ، يبرز تعامل السلطات الأمنية كعنوان عريض لنقاش واسع بين المراقبين والفاعلين الحقوقيين. فوزارة الداخلية، بحسب متابعين، اختارت مقاربة تقوم على قدر كبير من الحكمة وضبط النفس، حيث تُترك مساحات للتعبير السلمي عن المطالب، مقابل تشديد التعامل مع حالات معزولة من الشغب والفوضى التي رافقت بعض المظاهرات.
المعادلة ليست سهلة: من جهة، هناك جيل شاب يرفع صوته للمطالبة بحقوق اجتماعية واقتصادية مشروعة، ومن جهة أخرى، دولة تتحمل مسؤولية حماية الأمن العام وصون الممتلكات الخاصة والعامة. وبين هذين الرهانين، يظهر سؤال جوهري: كيف يمكن الحفاظ على سلمية الشارع دون التضحية باستقرار البلاد؟
– **الجيل الشاب والمجموعات الرقمية**: شباب مستفزون من بطالة وبُطء المستجابة لبعض الملفات الاجتماعية (الصحة، التعليم، التوظيف). تحرّكاتهم لا مركزية وغالبًا تُنسّق عبر شبكات اجتماعية، ما يصعّب المحاور التقليديين (أحزابًا ونقابات) من إدارة الأزمة.
وزارة الداخلية وقوات الأمن تعمل بتكتيك «احتواء ذكي»: تترك مساحات للتعبير السلمي بينما تضرب بقوة ضدّ ما يعتبر “شغبًا مسلحًا” أو محاولات اقتحام مرافق أمنية أو العبث بممتلكات عامة ؛ وتصدر بيانات يومية بأرقام الإصابات والاعتقالات.
الهيئات الحقوقية والمجتمع المدني تراقب وتدعو إلى التحقيقات المستقلة والضمانات القانونية، خشية تصاعد الاستعمال المفرط للقوة أو انتهاكات بحق القاصرين الذين شاركوا في الاحتجاجات.
الأصوات الداعية إلى التهدئة ما تزال هي الطاغية، ما يعكس وعياً متنامياً لدى المحتجين بأهمية الحفاظ على السلمية كسلاح فعّال للتغيير. في المقابل، يلوح في الأفق خيار الحوار المفتوح والمسؤول باعتباره المخرج الأقصر والأكثر أماناً لتجاوز هذه المرحلة الدقيقة.
إنها لحظة فاصلة قد ترسم ملامح عقد اجتماعي جديد يستجيب لتطلعات الأجيال الصاعدة، ويؤسس لعلاقة أكثر نضجاً بين السلطة والمجتمع، قائمة على الاعتراف المتبادل بالحقوق والواجبات، وعلى قناعة أن الاحتجاج ليس خطراً على الدولة، بل فرصة لتجديد دمائها.
02/10/2025