أثار تصريح نزار بركة، الأمين العام لحزب الاستقلال ووزير التجهيز والماء، خلال مروره في أحد البرامج الحوارية على القناة الثانية، جدلاً سياسياً واسعاً، بعدما اختار أن يشارك في الحلقة بصفته الحزبية لا الحكومية، في لحظة بدت للبعض عادية، لكنها كشفت الكثير بين السطور.
فبينما قدّمه مقدم البرنامج بصفته وزيراً في الحكومة، لم يتردد بركة في تصحيح المعلومة قائلاً بثقة: “أنا هنا كأمين عام لحزب الاستقلال”. عبارة قصيرة، لكنها كانت كفيلة بفتح باب التأويلات على مصراعيه: هل حاول الرجل أن ينأى بنفسه عن موجة الغضب الشعبي تجاه أداء الحكومة؟ أم أنه أراد تذكير الرأي العام بأن لحزبه وجوداً سياسياً مستقلاً لا يذوب في التحالف الحاكم؟
ردود الفعل على مواقع التواصل الاجتماعي كانت متباينة. فهناك من اعتبر الموقف تهرّباً محسوباً من المسؤولية، في وقتٍ يحتاج فيه المواطن إلى وضوح الخطاب وتحمّل تبعات القرار السياسي. بينما رأى آخرون في هذا التمييز دهاءً سياسياً يهدف إلى حماية الحزب من تبعات قرارات حكومية مثيرة للجدل، خصوصاً مع اقتراب الاستحقاقات الانتخابية المقبلة.
في المقابل، قرأ بعض المراقبين في الخطوة محاولة من بركة لإعادة التوازن إلى موقع حزبه داخل الأغلبية، بعد أن بات واضحاً أن الأداء الحكومي الجماعي يجرّ معه الأحزاب المشاركة نحو تراجع في الشعبية.
🧭 وفي قراءة أعمق، يمكن القول إن نزار بركة يحاول بعناية رسم خطٍ فاصل بين واجبه كعضو في حكومةٍ تواجه انتقادات متزايدة، وبين مسؤوليته كزعيم حزبٍ يسعى إلى الحفاظ على إرثه التاريخي ومكانته داخل المشهد السياسي المغربي. ومع تزايد مؤشرات التوتر داخل مكونات التحالف، قد يشكّل هذا الموقف بداية تموقعٍ جديد لحزب الاستقلال، يوازن بين البقاء في الحكومة وعدم الغرق في كلفتها السياسية.
ويبقى السؤال مفتوحاً: هل كانت لحظة نزار بركة على القناة الثانية مجرّد تصحيحٍ بروتوكولي، أم إعلاناً ناعماً عن بداية مسافة محسوبة بين الحزب والحكومة؟
06/10/2025











