وسط مشهد إقليمي متقلب، تتقاطع فيه الحسابات السياسية مع رهانات الميدان، أعادت الأنباء المتداولة حول “موافقة حركة حماس على خطة السلام الأمريكية” طرح الأسئلة القديمة بلبوس جديد، بين من يراها انفتاحاً براغماتياً على التحولات الدولية، ومن يعتبرها مجرّد جسّ نبض سياسي لا يحمل أي تغيير جوهري في مواقف الحركة. وأثار الموضوع نقاشاً واسعاً في الأوساط الفلسطينية، خاصة الإعلامية منها، بالنظر إلى ما تنطوي عليه الخطة من أبعاد إستراتيجية تتجاوز حدود غزة إلى موازين القوى في المنطقة بأسرها.
مصادر فلسطينية أكدت أن ما يُتداول لا يعدو كونه تسريبات وتأويلات، في غياب أي إعلان رسمي من الحركة، معتبرة أن “حماس” تتعامل مع بعض الجوانب الإنسانية في المقترح الأمريكي دون المساس بثوابتها السياسية، وعلى رأسها التمسك بسلاح المقاومة ورفض التطبيع. ويرى الإعلامي الفلسطيني محمود حريبات أن هذا التعاطي يدخل في إطار “قبول أولي مشروط”، يُستغل أحياناً لترويج سرديات مضلّلة توحي بانقسام داخل الفصائل، بينما تسعى الحركة للحفاظ على أوراقها التفاوضية وتجنب استنزاف رصيدها الشعبي، مؤكداً أن “التفاوض في الحالة الفلسطينية لا يُحسم دفعة واحدة، بل يمر بمراحل تتداخل فيها لغة السياسة مع منطق القوة”.
وفي الاتجاه ذاته، يرى الصحفي الفلسطيني وائل حمدي أن الموقف المبدئي المنسوب لحماس لا يمثل انقلاباً في توجهاتها، بل يعكس مقاربة واقعية تراعي التغيرات الإقليمية والدولية. ويعتبر أن واشنطن تحاول جرّ الحركة إلى مسار تفاوضي طويل الأمد، هدفه تحييدها تدريجياً لا تفكيكها، فيما تسعى حماس بدورها إلى كسر العزلة وتحقيق مكاسب تكتيكية في ظل ضغوط معيشية واقتصادية متفاقمة داخل غزة. ويخلص حمدي إلى أن موازين القوى، ومحدودية الدعم الإقليمي، والرفض الشعبي لبعض بنود الخطة، قد تدفع الطرفين إلى تبني قدر أكبر من البراغماتية في المرحلة المقبلة، بحثاً عن معادلة تحفظ لكل طرف مكانه في رقعة الشطرنج السياسية.
07/10/2025